انطلقت أمس، بمدينة ريو دي جانيرو، البرازيلية قمة مجموعة العشرين في ظل ضغوط شديدة ما بين ضرورة التوصل إلى تسوية حول المناخ والخلافات الكبيرة في وجهات النظر حول أوكرانيا وحروب الشرق الأوسط، وكل ذلك وسط ترقب قبل عودة الجمهوري الشعبوي دونالد ترامب، إلى سدّة الحكم في البيت الأبيض شهر جانفي القادم. وتؤكد دول مجموعة العشرين، وفقا لمسودة بيان أولية مجددا تعهدها بتحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفرية بحلول منتصف القرن أو نحو ذلك، وأن تختتم المفاوضات بشأن صك دولي طموح وعادل وشفّاف وملزم قانونا بشأن التلوث البلاستيكي بحلول نهاية عام 2024. وسيسعى رؤساء دول وحكومات القوى الاقتصادية الكبرى المتطورة والناشئة وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي يقضي أيامه الأخيرة في البيت الأبيض ونظيره الصيني شي جينبينغ، لإحراز تقدم حول مسألة تمويل سبل التصدي للتغير المناخي. ويشمل التركيز في القمّة أيضا الإدماج الاجتماعي وإطلاق تحالف عالمي ضد الجوع والفقر لتعبئة التمويل، وتبادل المعرفة لدعم تنفيذ برامج واسعة النطاق ومملوكة للدول وتستند إلى الأدلة وتهدف إلى الحد من الجوع والفقر في جميع أنحاء العالم. وبالتزامن مع انطلاقها دعا الأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيريس، قادة الدول العشرين إلى الاضطلاع بدورهم "القيادي" والقيام ب "تسويات" تسمح بتحقيق "نتيجة إيجابية في مؤتمر كوب 29" حول المناخ المنعقد في العاصمة الآذرية باكو، والتي تشهد المفاوضات حول هذه المسألة تعثرا منذ أسبوع. وعبّر غوتيريس، خلال مؤتمر صحفي في ريو دي جانيرو، عن القلق الذي ينتابه بشأن وتيرة المفاوضات في مؤتمر الأممالمتحدة المعني بتغير المناخ في باكو، وقال بأن "الفشل ليس خيارا .. وإن التوصل إلى نتيجة إيجابية في مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين لا يزال في متناول اليد، ولكنه يتطلب القيادة والتسوية من دول مجموعة العشرين". وتوقفت المفاوضات بين الدول الغنية والفقيرة حاليا في باكو، في منتصف أشغال "كوب 29" التي تدوم إلى غاية 22 من هذا الشهر، مما أدى إلى تعقيد عمل الوزراء من حوالي 200 دولة مشاركة في هذا المؤتمر الذي يسعى إلى تحقيق أهداف قمّة باريس للمناخ، خاصة فيما يتعلق بخفض درجة حرارة الأرض كسبيل لا مفر منه للتقليص من ظاهرة الاحتباس الحراري التي أصبحت تداعياتها من الكوراث الطبيعية على غرار الأمطار الغزيرة والفيضانات وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية تهدد سكان الأرض. ومن المقرر أن يعقد قادة ورؤساء حكومات مجموعة العشرين التي تضم 19 بلدا من كبريات اقتصادات العالم، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي الذي تحصل على العضوية الكاملة العام الماضي، اليوم وهو الأخير من أشغال قمّتهم جلسة عامة حول قضايا المناخ. وإذا كانت "كوب 29" ألقت بضلالها على قمّة مجموعة العشرين، فإن الأزمة الأوكرانية والعدوان الصهيوني وحرب إبادته المتواصلة منذ أكثر من عام في قطاع غزّة، واعتداءاته الهمجية على لبنان كان لها أيضا نصيبها في هذه القمّة التي يبقى الرئيس الروسي فلادمير بوتين، أكبر الغائبين عنها. وكان مصدر حكومي ألماني، أقر قبل القمّة بأن "المفاوضات حول أوكرانيا والشرق الأوسط هي الأكثر صعوبة". وقال "سنرى إلى أين يمكننا المضي في البيان.. سيكون هذا تحديا". من جهتها وجهت الرئاسة الفرنسية، تحذيرا بشأن أوكرانيا قائلة "سنعارض بحزم أي تراجع في الخطاب" في إشارة إلى البقاء على نفس النهج الغربي المدين لروسيا والداعم لأوكرانيا التي منحها الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ترخيصا أمس، باستخدام الصواريخ الأمريكية طويلة المدى في خطوة وصفها الكرملين بأنها بمثابة "صب الزيت على النّار". واقترنت الخلافات حول النزاعات الكبرى الجارية خلال الأيام الأخيرة، بغموض حول الموقف الذي سيعتمده الرئيس الأرجنيتي خافيير ميلي الليبرالي، المتطرّف والمشكك في حقيقة التغير المناخي. وقال رئيس الوفد الأرجنتيني إلى القمّة فيديريكو بينييدو، إن بوينوس أيريس قدمت بعض الاعتراضات ولن توقّع "بالضرورة" النص بدون الخوض في التفاصيل. ويأمل الرئيس البرازيلي اليساري لويس إيناسيو لولا دا سيفا، الذي يستضيف القمّة أن يسجل نقاطا في الملفات الاجتماعية وهو المروّج لمفهوم "الجنوب الشامل" والمدافع عن الطبقات الأكثر فقرا. وكان حذّر عشية انعقاد القمّة بأنه يعتزم طرح النزاعات جانبا "وإلا فلن نناقش المسائل الأخرى التي تهم الفقراء والمنسيين في العالم".