قدّم أمس مجموعة من الدكاترة والباحثين بقصر الثقافة مفدي زكرياء خلال الندوة الأولى من منتدى الفكر الثقافي الإسلامي في طبعته الثانية، مداخلات أكاديمية برئاسة الدكتور بوزيد بن مدين، انصبّت حول موضوع "القيم الدينية والسّلام العالمي في ظل التغيرات الدولية الجديدة". عرفت أولى الجلسات الرّمضانية من الطبعة الثانية من منتدى الفكر الثقافي الإسلامي، الذي أشرفت عليه، أمس، وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي، تحت شعار "الحِوار والتّعايش" ثلاث مداخلات أكاديمية، جمعت بين القيم الإيمانية والتراث الصوفي الجزائري وقيم السلم والتعاون العالمي. وبالمناسبة، أشارت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي في كلمتها، أنّه طالما استلهمت الجزائر سياستها من تراثها الديني والوطني، وبقيت دوما ثابتة على مواقفها القائمة على إصلاح ذات البين واستقرار الشعوب وحق تقرير المصير، وجسّدت ذلك مؤخرا من خلال الصلح بين الفصائل الفلسطينية، ولمّ شتات العرب جامعتهم وبيتهم بالجزائر في القمة العربية الأخيرة، وأضافت أنّ التضامن كقيمة دينية وإنسانية من قيم التعايش وتحقيق الأمن والسلم هو ما قام به أشاوس الحماية المدنية في النكبة الزلزالية، التي أصابت سوريا وتركيا الشقيقتين..وخلصت المتحدّثة أنّ قيم السلم والمحبة والتعليم تقرأها الوزارة كذلك في موروثنا الديني والثقافي المادي واللامادي، مضيفة أنّ ديننا وثورتنا النوفمبرية وتاريخنا يحفل بخطاب الحوار والتعايش، "فقد كانت حواضرنا العلمية نماذج ناصعة لأخلاق النقاش الفكري والتنوع الثقافي في عهود خلت، والجزائر اليوم استطاعت أن تتغلّب على العنف والكراهية، فهي تقف ضد كل كراهية وتمييز ديني أو عرقي".. واستعرض الأستاذ الدكتور زواقة بدر الدين في مداخلته الموسومة ب "المصالحة القائمة على أساس الإيمان والقيم..رؤية بنائية وقائية، مقاربات فكرية علمية ذات الصلة بالسلام"، مركّزا على مسألتي القيم والمعرفة، موضّحا أنّ القيم هي وسيط بين المعرفة والنظم، بينما المعرفة هي علاج لكثير من الأزمات، مختتما عرضه بثلاثية من القيم الدينية التي تشكّل في مجملها مفهوم الإيمان، وذلك بقوله "الإسلام يحقّق السّلام، الإيمان يحقّق الأمن، والإحسان يحقّق الحضارة". ومن جهته أعطى الأستاذ الدكتور مصطفى راجعي من خلال مداخلته "التّراث الصوفي الجزائري دعامة أساسية للسّلام بين الثّقافات والأمم"، أمثلة عن الأدوار التي لعبها التصوف والزوايا في نشر قيم السلم والتسامح والترابط بين المجتمعات، وحسبه أنّ وجود الصّالحين كان كبديل لتوفير الأمن والسلم، حيث لعبوا دورا في الوساطة وحل النزاعات، وكان دورهم كنوع من التنمية المستدامة والتاريخ لا يزال يرصد خدماتهم الجليلة المنطلقة من مشكاة روحية. بينما تناول الأستاذ الدكتور خوجة محمد على ضوء مداخلته التي جاءت بعنوان "دور قيم السّلم والتعاون العالمي في مواجهة تهديدات تغير المناخ"، دور قيم السّلام والتعاون الدولي في مواجهة أكبر تهديد للبشرية، ألا وهي أزمة المناخ، منوّها أنّه لن تجد الإنسانية ما يمكن التعبئة حوله مثل المفهومين المحوريين السلام والتعاون، نظرا لما يشكّلاه من تهديد لهذه الكارثة الاحتباس الحراري أو ما يطلق عليه بأزمة المناخ، التي تهدّد العالم بالبشر حاليا وبالأجيال القادمة.