أكد الدكتور عبد القادر بخوش، رئيس قسم العقيدة والدعوة بجامعة قطر على أن الحضارات البشرية عرفت عبر التاريخ صراعاً كان من الممكن تفاديه أو الحد من همجيته بنشر قيم التسامح والتعايش الديني الذي حثت عليه جل الديانات السّماوية والأرضية معاً، وقد كلف ذلك الصراع خسارات مادية وروحية كبيرة؛ حيث انهارت حضارات بأكملها، وزهقت أرواح الملايين، ولا تزل تزهق حتى عصرنا الحالي. وأبرز الدكتور عبد القادر بخوش خلال استضافته في العدد الثالث من سلسلة حلقات منتدى الفكر الثقافي الإسلامي، الذي تنظمه وزارة الثقافة والفنون كل ثلاثاء لشهر رمضان الكريم، تحت شعار "الحوار والتعايش"، والذي حضره كل من رئيس المجلس الإسلامي الأعلى أبو عبد الله غلام الله ، الأب الخوسيه ماريا أسقف كاتدرائية السيدة الإفريقية بالعاصمة، والدكتور عمار طالبي نائب رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وعدد معتبر من الأساتذة والباحثين وغيرهم من المهتمين، ومن خلال المدخلة التي قدمها تحت عنوان "الأديان والتعايش: نحو تأصيل علم مقارنة الأديان في الثقافة الإسلامية"، بأن الحاجة إلى تكريس مبدأ التعايش أصبحت ضرورة ملحة في وقتنا الراهن، نظرا لما وصلنا إليه من مظاهر العنف، وأدواته، وارتكابه بحق الإنسانية والإنسان عموماً في كل بقاع الأرض، فباتت الدعوة لأهمية التعايش الديني، هدفاً ومبتغى في آن واحد. كما تحدث الدكتور عبد القادر بخوش، عن أهمية علم مقارنة الأديان الذي يساعد في توجيه سلوكيات الشعوب على اختلاف أنواعها لأجل التعايش والموائمة بينها على اختلاف ثقافاتها ولغاتها ودرجات تدينها وإيمانها، فالأديان تتطور طبقا لتطور ثقافات الشعوب، مؤكدا أن علم مقارنة الأديان علم عظيم الفائدة على الثقافة الإسلامية، إذ يقدم للمفكرين المسلمين أهم العناصر للدفاع عن الإسلام ضد التحديات التى تواجهه وخاصة في العصر الحالي، خصوصا وقد انكب علماء المسلمين منذ العصور الأولى على دراسة الأديان وصفا، وتأريخا، ونقدا، وجدالا ومقارنة؛ فألفوا في ذلك الشيء الكثير، فانتبه بعد ذلك علماء الغرب لهذه المسألة فبادروا بدورهم لدراسة الأديان مؤكدين أهمية هذا الفرع العلمي، كما يرى الدكتور أن التطورات العلمية الأخيرة التي حولت العالم إلى قرية صغيرة، جعلت التواصل بين الثقافات أمرا لا مفر منه، وهذا ما دفع بالغرب لمعرفة باقي الأديان، إلى جانب معرفة دينهم، ومن ثم أصبح الدين المقارن موضوعا مهما للدراسة والبحث، داعيا في نهاية مداخلته إلى ضرورة الاهتمام به في الجزائر أكثر فأكثر. كما ثمن الدكتور وزارة الثقافة والفنون وعلى رأسها الدكتورة صورية مولوجي التي فكرت وأشرفت على إقامة هذا المنتدى، وعلى اختيارها لمثل هذه المواضيع، من جهة أخرى، قام رئيس ديوان وزارة الثقافة والفنون نيابة عن السيدة الوزيرة، بتكريم الدكتور عبد القادر بخوش بوسام منتدى الفكر الثقافي الإسلامي، نظير مسيرته الحافلة ومجهوداته الجبارة المبذولة في هذا المجال.