تقبل العديد من الحرفيات والنساء الماكثات بالبيت، وفي مقدمتهن ربات العائلات المحدودة الدخل على تحضير وبيع أوراق «البوراك» كمورد للرفع من مداخيل الأسر خلال شهر رمضان. وباعتبار أكلة البوراك المعروفة باسمها التجاري «الديول»، وهي عبارة عن رقاق عجيني دائري يستهلك خصوصا في شهر رمضان، فإن سيدات ونساء ماكثات بالبيت قد احترفن مهنة تحضير «الديول» التقليدية، وعرضها للبيع بأسواق المدينة وبعض متاجر بيع مستحضرات غذائية خاصة برمضان، كمساهمة منهن لتغطية مصاريف مائدة الإفطار ومستلزمات العيد. وتستعد السيدات اللواتي تحضّرن أوراق «الديول» التقليدية لهذا النشاط، الذي يبقى ظرفيا بالنسبة للعديد منهن قبل حلول الشهر الفضيل، وذلك من خلال اقتناء ما يلزمهن من السميد، حسب ما ذكرته السيدة «حورية»، ربّة عائلة وأمّ لخمسة أطفال، تنشط منذ تسع سنوات في تحضير وبيع أوراق «الديول» بالبيت خلال شهر رمضان. وأفادت ذات المتحدّثة، بأنّ هذه الحرفة على الرغم من أنّها ظرفية بالنسبة لها، غير أنها تمثل موردا هاما لتغطية مصاريف مائدة رمضان بالنسبة لعائلتها، وأردفت قائلة «رغم الإقبال الواسع للنساء الماكثات بالبيت على تحضير وبيع أوراق الديول التقليدية خلال شهر رمضان، غير أن الطلب لا يزال قائما عليها»، مشيرة إلى أنّ «المنافسة دفعت بالعديد من الحرفيات إلى تنويع شبكة توزيع هذا المنتوج، والاستعانة بشبكات التواصل الاجتماعي لعرض منتوجهن بتوضيب وتغليف جذابين». وإذا كانت السيدات الماكثات بالبيت تعتمدن نظام البيع المباشر بالمنزل من المنتج إلى المستهلك، فإنّ فئة أخرى من النساء تفضلن تسويق منتوجهن اليومي من أوراق ''الديول'' الذي يصل ما بين عشرة إلى عشرين حزمة ذات 12 ورقة للواحدة لتموين الباعة بالأسواق والمتاجر بأسعار الجملة، وفق ما أوضحت السيدة «فضيلة»، حرفية مختصة في صناعة العجائن التقليدية عموما وأوراق ''الديول'' خصوصا، وأضافت أن تحضير وبيع أوراق ''الديول'' يعد نشاطا منزليا مربحا نظرا للرواج الذي تشهده أكلة ''البوراك'' لدى سكان المنطقة في رمضان. حضور قوي على مدار العام تبقى مداخل أسواق الخضر والفواكه على غرار السوق المركزي بوسط مدينة عنابة وأسواق أحياء قبة والصفصاف ووادي فرشة والريم وسيدي عاشور أهم محطات بيع أوراق ''الديول». فعلى مدار السنة، تموّن العديد من السيدات الماكثات بالبيت لاسيما الحرفيات، كما أضافت السيدة «فضيلة»، محلات الأكل السريع المختصة في تحضير البوراك المنتشرة عبر الأحياء الشعبية، وحتى على طول الشريط الساحلي ومطاعم الأكل التقليدي وقاعات الحفلات بكميات هامة من أوراق «الديول». وأمام الطلب الدائم على أوراق الديول، اعتمدت عديد الحرفيات وخاصة الشابات منهن التقنيات الحديثة للترويج لمنتوجهن من خلال عرض مقاطع فيديو على صفحاتهن لطريقة تحضيرهن للأوراق وطبيعة السميد التي تسمح بالحصول على نوعية جيدة من الأوراق وبأحجام مختلفة، وبتوضيب خاص لحفظ الأوراق قبل عرضها على المستهلك. ولجأت العديد من الحرفيات إلى التعامل مع الطباخين المختصين في تحضير الولائم بقاعات الأفراح لتزويدهم بما يلزمهم من أوراق «الديول»، وذلك وفق رزنامة وبرنامج تمويني معد حسب المناسبات والأفراح المبرمجة عبر قاعات المدينة، حسبما أبرزته ذات السيدة. كما تبقى الأسواق ومحلات بيع المستلزمات الغذائية وجهة الفئة الأوسع من النساء الماكثات بالبيت المنتجة لأوراق الديول التقليدية بعنابة، استنادا للمتحدّثة. ويمثّل البوراك طبقا أساسيا في مائدة رمضان بمنطقة عنابة، ويقترن تناوله بطبق الشربة خلال شهر الصيام وحتى خلال الولائم والمناسبات، كما يقبل العنابيون على استهلاك طبق البوراك بشكل واسع باقي أيام السنة، وخاصة خلال خرجات الاستجمام العائلية، حيث تحضّر هذه الأكلة بمحتويات بسيطة، وغالبا ما تتنافس ربات البيوت على تحضيرها بمحتويات متنوعة حسب الأذواق والإمكانات المتوفرة.