على وقع الاحتجاجات والمظاهرات المندّدة بالتردي المعيشي واتّساع رقعة الفقر والمعاناة، انتقد المكتب الوطني للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، ضعف الرؤية السياسية والاجتماعية والتدبيرية والتواصلية للحكومة، وعدم نجاح برامجها إلى حد الآن في توفير الأمن الغذائي الداخلي. استهجن المكتب الوطني للنقابة، في بيان له، عدم اتخاذ الحكومة لإجراءات ملموسة لمواجهة التطورات الاقتصادية والاجتماعية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات التضخم بمستويات غير مسبوقة تضررت معها القدرة الشرائية للشغيلة المغربية بشكل كبير. وطالب الاتحاد الحكومة، بالتدخل لإعادة الاستقرار للوضع الاجتماعي المشرف على الانهيار، من خلال سن إجراءات لتسقيف الأسعار، وإحداث توازن بين الاستيراد والتصدير للتحكم في التضخم واتخاذ إجراءات استعجالية للحفاظ على الأمن الغذائي للمغاربة، وشدد على أن إجراءات مراجعة الضريبة على الدخل وإعادة النظر في الرواتب والأجور ومراجعة أرباح شركات المحروقات، بالإضافة إلى قرار دعم مباشر للأسر، أصبحت تشكل أولى الأولويات لمواجهة الغلاء غير المسبوق في أسعار المنتجات المعيشية. الحكومة لا تحرّك ساكنا في الأثناء، قرّرت أحزاب الأغلبية والمعارضة المغربية التحرّك لمحاولة كبح انزلاق المملكة نحو الهاوية، حيث دعا المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، لعقد لقاءات تهدف إلى مناقشة الوضعية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، خاصة في ظل الارتفاع المهول في الأسعار والذي ألقى بظلاله على القدرة الشرائية للمغاربة. وقال نبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن المكتب وجه هذه الرسالة للأحزاب، بما فيها حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقود الحكومة، مرفوقة بدعوة لعقد لقاءات بغية فتح نقاش جاد وفعال حول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب. وأشار بن عبد الله إلى أن موعد اللقاءات لم يحدد بعد لحد الساعة وأن المكتب السياسي للتقدم والاشتراكية ينتظر "تفاعل الأحزاب"، في حين أشارت مصادر من داخل الحزب أنه تمت برمجة اجتماع مع قادة حزب الحركة الشعبية وحزب العدالة والتنمية في الأيام القليلة المقبلة. وعبر حزب التقدم والاشتراكية، عن استنكاره لصمت الحكومة، "ووقوفها موقف المتفرج إزاء الأوضاع التي تمس كل الفئات الاجتماعية، وأساساً ذوي الدخل المحدود والفئات المعوزة والمستضعفة والفئات الوسطى". وضمن رسالة مفتوحة، وجهها إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، سجل المكتبُ السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، "بقلقٍ بالغ، الاستخفاف الذي يطبع تعاطي الحكومة اللامبالي واللامسوؤل مع الغلاء الفاحش، الذي لا يُطاق، لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، بما يؤدي إلى تعاظُم الغضب وتصاعد الاحتقان شعبيًّا، وبما يهدد السلم الاجتماعي". وحذر التقدم والاشتراكية، ضمن الرسالة التي تلاها الأمين العام للحزب محمد بنعبد الله، خلال ندوة صحفية بمقر الحزب بالرباط، "من تواتر خيبات المغربيات والمغاربة تُجاه التطمينات الشفوية وتعبيرات الارتياح التي تُطلقها الحكومة ويُفَنِّدها الواقع المعيش وكذا إصدارات بنك المغرب والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمندوبية السامية للتخطيط، والتي تنبه إلى دقة الأوضاع واتساع رقعة الفقر". "حاميها حراميها" في السياق، قال القيادي بحزب العدالة والتنمية المغربي، عبد العزيز أفتاتي، إن الحكومة ورئيسها تركوا المواطن الفقير والبسيط في مواجهة الأسعار الصاروخية، حيث اختاروا الصمت المطبق دون إجراءات منقذة للوضع، مضيفا إننا إزاء صم بكم جيء بهم ضدا على المسار الديمقراطي ببلادنا. وأكد أفتاتي، أن الغلاء يضر بالاستثمار وبالأسر الفقيرة والطبقة المتوسطة، لذلك ينبغي الالتفات للأسر وإعمال مبدأ المنافسة وإقرار الدعم المباشر للأسر على غرار الدول المجاورة، مشيرا إلى أن الدول التي تحترم نفسها أقرت إجراءات داعمة ومواكبة للأسر وللطبقة المتوسطة من خلال الدعم المباشر وتخفيض الضرائب والرسوم. واستطرد "بالطبع هذا لا يقع عندنا لسبب واحد، لأن مشكلتنا في المغرب مع الغلاء هي أن "حاميها حراميها"، معتبرا أن الذي من المفروض أن يقوم بمعالجة الوضع هو المستفيد الأول منه.