تشكل الذّكرى 67 لاستشهاد البطل سويداني بوجمعة المصادفة ليوم 16 أبريل من كل سنة، مناسبة للوقوف على أمجاد وبطولات قائد عسكري من طينة نادرة، وهب حياته من أجل حرية واستقلال الجزائر. ويخلد النصب التذكاري بواد مزافران بجنوب القليعة، أين استشهد أحد رجالات الجزائر وصنّاع تاريخها، الراحل سويداني بوجمعة عضو مجموعة 22 المفجّرة للثورة المجيدة، وعضو مؤسس للجنة الثورية للوحدة والعمل وقائدا لناحية متيجة إبان الثورة، الشهيد الذي حكم عليه بالإعدام مرتين، حسب ما جاء في كتاب أصدره المتحف الجهوي للمدية حول السيرة الثورية للراحل. بدأ الراحل نشاطه النضالي في سن مبكرة عندما نظّم سنة 1943 وكان يبلغ من العمر يومها 21 سنة فقط، مظاهرة عارمة بمسقط رأسه مدينة قالمة، تنديدا بالسياسة القمعية التي تمارسها قوات الاستعمار في حق الجزائريين، ما جعله يتعرض للاعتقال والسجن لمدة ثلاثة أشهر، حسب نفس الوثيقة. ويجمع الباحثون على أنّ الشهيد سويداني بوجمعة الملقب بسي الجيلالي، قائد عسكري من طينة نادرة، له باع من النضال في صفوف الحركة الوطنية، ما سمح له بتبوء مناصب قيادية إبان ثورة نوفمبر قبل سقوطه في ميدان الشرف إثر اشتباك مع القوات الاستعمارية سنتين فقط بعد اندلاع العمل المسلح. ولقد انطلق المسار النضالي للراحل سي الجيلالي، الذي ولد يوم 10 فبراير 1922 بقالمة، منذ صغره كونه تربى في أحضان الكشافة الاسلامية بقالمة، ونال شهادة البكالوريا قبل أن يلتحق بصفوف حزب الشعب الجزائري، الذي قاده للانضمام للمنظمة الخاصة، وشارك في عدة عمليات أبرزها الهجوم الشهير على بريد وهران يوم 5 أفريل 1949، وهو ما صقل شخصيته النضالية، على حد وصف أستاذة التاريخ بجامعة خميس مليانة بولاية عين الدفلى، نظيرة شتوان. قناعة راسخة بالكفاح المسلّح لاسترجاع سيادة الجزائر وعلى غرار الجزائريين يومها، كان لمجازر الثامن ماي 1945 الأثر البليغ على نفسية سويداني بوجمعة، الذي كان مجنّدا بحكم الخدمة العسكرية الإجبارية، وتعزّز لديه قناعة الكفاح المسلح كوسيلة وحيدة لاسترجاع السيادة، فالتحق بالمنظمة الخاصة وقام بعدة نشاطات أبرزها جمع الأسلحة قبل أن يكتشف أمره عام 1948 ويحكم عليه بالسجن بثمانية عشر شهرا نافذا، وهي آخر مرة يتمكن فيها المستعمر من اعتقاله، كما قال أستاذ التاريخ بجامعة العفرون، عاشور محفوظ. وبعد خروجه من السجن، واصل نشاطه النضالي ضمن المنظمة السرية، حيث تكفّل بمهمة نقل السلاح قبل أن ينكشف نشاطه بالشرق الجزائري، وهو ما جعله يلتحق بناحية وهران أين شارك يوم 5 أبريل 1949 في عملية الهجوم الشهيرة على بريد وهران، عملية كلفته حكما غيابيا بالإعدام. بعدها، انتقل أسد متيجة لمدينة الدواودة شرق العاصمة، قبل أن تباغته شرطة الاستعمار فدخل في اشتباك مسلح مع تلك القوات، ما أسفر عن مقتل مفتش شرطة فرنسي، وتمكّن سويداني بوجمعة من الفرار، وأصدر القضاء الاستعماري يومها حكما غيابيا يقضي بإعدامه. مع مطلع الخمسينيات، واصل سي الجيلالي نضاله بمنطقة متيجة، حيث لعب دورا بارزا في التحضير لاندلاع الثورة مع مجموعة 22، وكان عضوا مؤسسا للجنة الثورية للوحدة والعمل، قبل أن يعين قائدا بمنطقة متيجة أين أشرف على مختلف مراحل التحضير للثورة، حسب نفس السيرة الثورية.