إفريقيا..أرض فرص وتنشيط التّبادل أمر لا مناص عنه لتّجارة البينية بين الدول الإفريقية تقترب من 30 بالمائة تمتلك القارة السمراء آفاقا واسعة لتنشيط التبادل التجاري، وتشجيع المنظومة الإنتاجية، والاستغلال أمثل للثروات الباطنية وللموارد البشرية، غير أن قوتها تظل مرتبطة بتكتل دولها - في عالم لا يترك فرصة إلا للمجموعات القويّة - وهذا يبدأ من تعزيز التعاون التجاري و تفعيل التكامل الاقتصادي، فالقارة بدأت تنهض وتسير بخطى متسارعة نحو التّطور، والجزائر ظلت على الدّوام إفريقية الروح، قريبة من جميع الأفارقة، يشهد بهذا انفتاحها تجاريا واقتصاديا على جميع دول القارة، وحرصها على توجيه اهتمامها في المبادلات التجارية والاستثمارات الاقتصادية صوب إفريقيا، ما سينعكس على جميع دولها بالتنمية والاستقرار، وهذا ما يهتم به الأفارقة، ولعل من بين العوامل الأساسية للنجاح، تنشيط التجارة البينية وتفعيلها. ولقد ذكر مجموعة من الخبراء والمتعاملين الاقتصاديين أن هذا يكفله الانتماء الإفريقي؛ خاصة وأن العالم اليوم يتغير، وحتى ميدان الاقتصاد العالمي، لم يعد يستوعب من يأتيه منفردا..فما هي آفاق مستقبل التبادل البيني بين دول القارة السمراء؟ يرى البروفيسور فريد كورتل الخبير الاقتصادي، أن آفاق التجارة البينية للدول الإفريقية، صارت أحسن بكثير من الماضي، بفضل العديد من المؤشرات، ووصفها الخبير ب "الآفاق الواعدة"، ويرى هذه التجارة الواعدة نوعين، شق المقايضة الذي يربط التجارة عبر ولايات الجنوب مثل تندوف وأدرار وتمنراست وغيرها، بكل من موريتانيا والنيجر ومالي، وهذه التجارة مدعمة بنصوص قانونية من طرف وزارة التجارة التي شجعت هذا النوع الأعمال، لأن له الأثر الكبير على سكان الجنوب، وفي النوع الثاني، ذكر كورتل التجارة التقليدية التي تكون قائمة على أساس التعامل بالدولار مع مختلف الدول الإفريقية وخاصة مع موريتانيا خلال هذه السنة، علما أنّ الصادرات الجزائرية نحو موريتانيا قاربت 189 مليون دولار، بعد أن كانت في الماضي لا تتجاوز 60 مليون دولار. واعتبر الخبير أنّه في الوقت الحالي، بات يسجل نشاطا تجاريا كثيفا مع دول الجوار، أي على امتداد العمق الإفريقي، وعلى سبيل المثال، ذكر كلا من السنغال ودول غرب إفريقيا، خاصة أنّ هذه التجارة مرشّحة اليوم للانتعاش وازدياد حجمها بصورة كبيرة، بعد دخول اتفاقية التبادل الحر الإفريقية حيز السريان، مشيرا إلى أن الجزائر - في الوقت الراهن - تتجه نحو السوق الإفريقية، فهي السوق الواعدة، والتجربة التي خاضتها الجزائر مع دول الجوار، أسفرت عن نتائج جد إيجابية في مجال التجارة البينية، وهذا ما يشجّع على الدخول إلى عمق الأسواق الإفريقية الأخرى، من خلال فتح فروع للبنوك لتسهيل التعاملات التجارية بين الطرفين، كالبنك الوطني الجزائري والبنك الوطني الخارجي اللذين سيتواجدان بفروعهما في موريتانياوالسنغال كمرحلة لتسهيل المبادلات التجارية ما بين الجزائر والدول الإفريقية. ولا يخفى أن المساعي مستمرة - يقول كورتل - وحتى في توجهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، فإن الدخول لأسواق الدول الإفريقية بات حتمية وأولوية، للتموقع بالمكانة الطبيعية، ممّا يسمح بتنشيط الصادرات تجاه الدول الإفريقية، ذلك أن دول القارة السمراء بحاجة للجزائر، والجزائر بدورها في حاجة إلى الدول الإفريقية، وهذا ما تركز عليه الجزائر بصورة واضحة من خلال الاتحاد الإفريقي واتفاقيات التجارة الحرة. ويعتقد البرويفسور كورتل أن أول عامل أساسي للتنشيط وتفعيل التجارة البينية، يتمثل في الإتحاد والانتماء الإفريقي، لأن العالم اليوم يتغير وحتى اللعبة الاقتصادية في العالم لم تعد كما كانت سابقا، ما يعني أن التوجه نحو تكتلات جديدة في العالم، خاصة التكتلات الاقتصادية، بات ضرورة، على خلفية أن الاقتصاد يعد أساس كل شيء، وبالتالي، فإن الانتماء الإفريقي من خلال الاتحاد الإفريقي، يعد أكبر عامل يشجع على التعاون البيني بين الدول الإفريقية وتنمية التجارة البينية الإفريقية، يضاف إلى ذلك ترابط الدول الإفريقية فيما بينها والحدود التي تجمعها، بعكس القارات الأخرى، وهذا يشجع على النمو والتبادل بين هذه الدول، فالهدف واحد، ويتمثل في النهوض بإفريقيا وباقتصاديات دولها. أدارت النّدوة: فضيلة بودريش الخبير الاقتصادي فريد كورتل: نشاط تجاري كثيف مع دول الجوار