تتشكل في المغرب خريطة جديدة للطبقات الاجتماعية، مع انضمام فئات إضافية إلى دائرة الفقر، في ظل تفاقم الأزمات المعيشية وضعف الإجراءات الحكومية التي تستهدف تخفيفها. عوامل عديدة تقف وراء ظاهرة زيادة نسبة الفقر المتسارعة يأتي الغلاء في مقدمتها، الأمر الذي أدى إلى اندلاع الاحتجاجات المعيشية في عشرات المدن والقرى أخيراً. لم يستغرب مراقبون الكشف عن انزلاق مغاربة إلى دائرة الفقر تحت تأثير الأزمة الصحية وارتفاع الأسعار والجفاف في الأعوام الثلاثة الماضية، إذ تم الكشف مرة أخرى عن هشاشة النمو الاقتصادي، الذي لا يخلق ما يكفي من فرص العمل، ناهيك عن اتساع دائرة الفوارق في ظل ضعف عملية إعادة التوزيع. فقر وبطالة في تقرير لها حول تطور الفوارق الاجتماعية، خلصت المندوبية السامية للتخطيط الحكومية، إلى تعرّض 3.2 ملايين شخص للفقر، حيث فقد المغرب ما يقرب من سبع سنوات من التقدم المحرز في القضاء على الفقر والهشاشة، مؤكدة أن وضعية الفقر والهشاشة، تراجعت في المغرب حاليا إلى مستويات سنة 2014. وقد لاحظت المندوبية في تقريرها ارتفاع معدل الفقر المطلق من 3 في المائة سنة 2021 إلى 4.9 في المائة سنة 2022 على الصعيد الوطني. وسجلت المندوبية أن معدل الهشاشة الاقتصادية قفز من 10 في المائة في 2021 إلى 12.7 في المائة في 2022 على المستوى الوطني، وانتقل المعدل من 5.9 في المائة إلى 7.9 في المائة في المدن، ومن 17.4 في المائة إلى 21.4 في المائة في الأرياف. وينتظر أن يفضي الإحصاء الخاص بالسكان في العام المقبل، إلى توضيح الخريطة الجديدة للفقر، علما أن الإحصاء الذي أجري قبل عشرة أعوام خلص إلى أن الفقر متعدد الأبعاد أصاب حوالي ثلاثة ملايين شخص، إذ تجلى أن أعلى النسب سجلت في جهة بني ملال خنيفرة وجهة مراكش- آسفي وجهة درعة- تافيلالت، ثم فاس - مكناس. وتؤشر البيانات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط حول سوق العمل، إلى أن معدل البطالة انتقل إلى 12.9 في المائة في مارس الماضي بعدما كان في حدود 12.1 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي، غير أن ذلك المعدل انتقل من 16.3 إلى 17.1 في المائة في المدن ومن 5.1 في المائة إلى 5.7 في المائة بالأرياف. ضغوط التضخم هذا، ويستحضر المراقبون عندما يتناولون وضعية الفقر، مستوى التضخم الذي وصل إلى 6.6 في المائة في العام الماضي، وقفز إلى 8.2 في المائة في مارس الماضي، و7.8% في أفريل، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية بالأساس. مدفوعا بارتفاع أسعار مستهلكي السلع الغذائية بنسبة 16.1 في المائة، بحسب المندوبية، بينما سجلت السلع غير الغذائية زيادة بنسبة 3 في المائة. ولم تخف الأسر قلقها من ارتفاع أسعار السلع الغذائية، فقد كشفت نتائج بحث أصدرته المندوبية السامية للتخطيط، أن 98.7 في المائة من الأسر أكدت ارتفاع أسعار السلع الغذائية في الأشهر الاثني عشر الماضية. تؤكد الأسر، بحسب بحث المندوبية السامية للتخطيط، تراجع مستوى معيشتها، وعدم القدرة على الادخار، وتوسع دائرة البطالة، وغلاء أسعار السلع الغذائية، في سياق متسم بارتفاع معدل التضخم. في السياق، يرجّح رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، إدريس السدراوي، أن تتسع دائرة الفقر أكثر وأن تستوعب أشخاصا جددا، في الوقت نفسه الذي لا يستبعد فيه أن يلتحق أفراد من الطبقة المتوسطة بتلك الدائرة. ويوضح أن زحف الفقر سيحفزه عدم اتخاذ الحكومة تدابير من شأنها محاصرته.