دعوة لإثراء النقاش من أجل إرساء حلول تدمج المعاقين وقّعت الجمعية الوطنية للممرّنين للسياقة، أمس، مع المنظمة الوطنية لذوي الهمم في الجزائر الجديدة، اتفاقية تعاون، بهدف إيلاء رعاية أكبر واهتمام خاص لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، والسهر على التخفيف من معاناتهم في عملية تنقلهم اليومي، وتعدّ هذه الاتفاقية الأولى من نوعها، في وقت تختفي على مستوى العديد من الأماكن، ممرات لتنقل ذوي الإعاقة، وكذا الأربعة مقاعد من كل حافلة عمومية أو خاصة يفترض أنها مخصصة لهذه الفئة، وجاء ذلك على هامش ندوة احتضنتها جريدة "الشعب"، تحت عنوان الحث والتحسيس حول معاناة فئة ذوي الهمم في الطرقات. أفضى النقاش وتدخلات مختلف الهيئات إلى الدعوة من أجل إثراء النقاش وتوسيع نطاق التحسيس بهدف التوصل إلى حلول تسمح بإدماج فئة ذوي الهمم في الحياة الاجتماعية بالشكل الجيد، وتسهيل تنقلاتهم في ظل وجود ترسانة من النصوص القانونية تحمي حقوقهم، وكان السؤال المحوري يتضمن فكرة.. إلى أي مدى يراعي أصحاب المركبات ذوي الإعاقة، وما هي الحلول من أجل إدماجهم؟.. ومن جهة أخرى، بهدف الحدّ من حوادث المرور. حوادث المرور في منحى تصاعدي كشفت الأرقام الرسمية لكل من القيادة العليا للدرك الوطني خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الجاري، وكذا إحصائيات المديرية العامة للحماية المدنية، عن حجم الخطر المحدق بالمنظومة الاجتماعية، مشددين على ضرورة تحرك المواطن من أجل رفع سقف الوعي للحد من حوادث المرور التي تخلف سنويا الآلاف من الضحايا بين وفيات ومعاقين، ويحتل العامل البشري حصة كبيرة من المسؤولية حسب جميع المتدخلين. وأوصى المشاركون بالنّدوة بالتعجيل بتوسيع نطاق تلقين السلامة المرورية في المنظومة التربوية، من أجل التعريف الجيد بوسائل النقل وأخطار الطريق، كون التخفيف من حوادث المرور يبدأ من الأسرة والمدرسة، بهدف التقليص من حجم الخسائر المادية والبشرية، علما أنه حسب إحصائيات مصالح الدرك الوطني، فإن 9 بالمائة من حوادث المرور سببها قطع الطريق. وكان ممثل القيادة العليا للدرك الوطني، الرائد سمير بوشحيط، قد أكد أن حجم حوادث المرور أخذ منحى تصاعديا ينذر بالخطر، ويحتم ضرورة أخذه بجدية كبيرة، على خلفية أن الحوادث ارتفعت خلال العام الجاري بنسبة 30 بالمائة. أما فيما يتعلق بالاتفاقية الموقعة، فإنها تنصّ على كيفية حماية ومدّ يد العون لهذه الفئة الحساسة في مجال أمن الطرقات، وكذلك توعية وتحسيس المواطنين. وكذلك من أهداف هذه الاتفاقية، ذكرت نبيلة فرحات رئيسة الجمعية الوطنية للممرنين للسياقة، تنمية الفكر الواعي للجيل الصاعد وتنظيم دورات تكوينية لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصة في إطار اتفاقيات مع الهيئات المختصة، وعلى ضوء التشريع والقوانين السارية المفعول، إلى جانب تقديم المساعدات البسيكوبيداغوجية لفائدة ذوي العاهات والمترشحين لنيل رخصة السياقة، ومساعدة ومساندة ذوي الهمم في التكوين والتوجيه لمستقبل واعد. واغتنمت فرحات الفرصة للتشديد على إيلاء اهتمام خاص لفئة ذوي الهمم وتلبية احتياجاتهم في مجال السياقة والسلامة المرورية، مع السهر على توعية المجتمع المدني بخطورة حوادث المرور من أجل تنمية بشرية لجزائر الغد، واقترحت تنظيم أيام دراسية وملتقيات حول موضوع السياقة السليمة لذوي العاهات، وتبادل الخبرات والمهارات، وبالإضافة إلى التعاون والتواصل مع هذه الفئة الحساسة. اختفاء الأرصفة وحيرة الراجلين وتولي مصالح الدرك الوطني اهتماما كبيرا بموضوع حوادث المرور، وتعمل على الحدّ منها، كما تقف بالمرصاد، ولا تدخر جهدا في حماية سلامة وحياة الأشخاص وكذا الممتلكات عبر الطرقات، وعادة ما تتدخل عندما يتم احتلال الأرصفة واختفائها بالنسبة للراجلين وكذا المعاقين، بعد احتلالها من طرف الباعة والتجار، علما أن الرصيف امتداد للطريق وليس ملكا لأصحاب المحلات التجارية، وكثيرا ما يصاب الراجلون بالحيرة، عندما تختفي الأرصفة ويضطرون إلى السير جنبا إلى جنب مع السيارات. ومما تمت إثارته في هذا الندوة، نذكر أن هناك فئة من ذوي العاهات، يتمتعون بصحة جيدة، لكن بعد ذلك يتعرضون لحوادث مرور أو يتعرضون إلى تشويهات في أجسادهم، قد تكون على مستوى منطقة اليد أو الرجل أو على مستوى الظهر، وتكون بحوزتهم رخصة سياقة من صنف "ب"، ولكن يواجهون صعوبات كبيرة في تحويل هذا الصنف من "ب" إلى "ف"، لهذا، فإن هذه الاتفاقية ستسمح للجمعية والمنظمة على حد سواء، بتكوينهم للحصول على هذه الرخصة، وتحويلها بانسيابية ويسر، لأن المعني بالأمر، سيعيد دراسة قانون المرور ويمتحن في السياقة من جديد، وكأنه سيجتاز هذا الامتحان لأول مرة، وفي مدة 20 يوم، يفصل ما بين امتحان وآخر، وللعلم فإن الفرق في السيارة المجهزة بهذه الفئة يكون لديهم في محرك السرعة. من جهته، بدا ممثل المديرية العام للحماية المدنية، الملازم نايت براهم، متفائلا بالمستقبل القريب، فاستعمال وسائل النقل الجماعية - حسب تقديره - يقلص من حجم حوادث المرور، على غرار المترو والترامواي، ويعتقد أنه كلما تم توسيعها فإن ذلك سينعكس على مستوى تراجع حصيلة حوادث المرور. شهادات حية.. وحملت شهادات حية لذوي الهمم حضروا للمشاركة في هذا اللقاء التحسيسي، معاناة شديدة في تنقلاتهم، بداية بغياب الممرات الخاصة بهم للسير في الطرقات، وحتى غيابها على مستوى بعض الإدارات والهياكل التجارية والترفيهية والبنايات السكنية، رغم أن القانون موجود ويكفل حقوقهم ويحميهم من أي تمييز، بل إن الجزائر صادقت على الاتفاقيات الدولية، من خلال مرسوم رئاسي، جاء ليضع حدا لكل ما يتعرض إليه ذوي الهمم وأصحاب الإعاقات من أشكال متعددة من التمييز. وتنص هذه النصوص التشريعية على احترامهم والحفاظ على كرامتهم وإدماجهم في المجتمع، لكن هناك من ذوي الهمم، من تحدث عن الصعوبة التي تواجهها هذه الفئة عندما تقل سيارة أجرة، ويرفض صاحب هذه السيارة نقلهم بحجة أنه ليس لديه مكان في السيارة من أجل حمل العكازات أو ما شابه ذلك ويفضل أن يقل الأشخاص من دون إعاقة. ومن جهة أخرى، هناك من أصحاب الحافلات من يرفض نقل المعاقين، بسبب خوفه أنهم لن يسددوا ثمن التذكرة، أو لأسباب أخرى، قد تتمثل في تضايقه من العكاز أو الكرسي المتحرك، لأنه يتطلب مساعدة في صعوده وخلال عملية نزوله ويستغرق ذلك وقتا لا يتحملها سائق أو قابض الحافلة. وفي شهادة لرئيس المنظمة الوطنية لذوي الهمم بالجزائر الجديدة، ناجي بوعزيز، لفت الاهتمام إلى معاناة ذوي الهمم خلال صعودهم في الحافلة، فهناك من يبقى واقفا إلى غاية وصوله إلى المحطة، حيث لا أحد يترك لهم مكانا للجلوس، وقال إنه من المفروض أن تخصص 4 كراس في كل حافلة خاصة أو عمومية لفئة ذوي الهمم. الجدير بالإشارة بأن هذه الندوة التحسيسة، شارك فيها كل من رئيسة جمعية الممرنين للسياقة وممثل القيادة العليا للدرك الوطني وممثل المديرية العامة للحماية المدنية وممثل عن وزارة النقل ورئيس المنظمة الوطنية لذوي الهمم في الجزائر الجديدة وبعض الأشخاص من فئة ذوي الهمم جاؤوا من أجل الاستغاثة وطلب احترام القانون لإنهاء معاناتهم.