بعد ستة أشهر من انتهاء عملية "برخان"، يبدو أنّ باريس تعتزم سحب قواتها مرة أخرى من قواعدها في الغابونوالسنغال وكوت ديفوار في الأشهر المقبلة. حركة تؤثّر على بعض مصنّعي الدفاع الذين يصدرون إلى القارة. كشفت صحيفة "لوموند"، أنّ فرنسا تستعد بالفعل لخفض عدد عساكرها الموجودين في قواعدها المختلفة في القارة الإفريقية بعدة مئات، في تأكيد للمعلومات التي كان قد نشرها "أفريك - إنتليجنس"، بخصوص تخفيض للعسكريين الفرنسيين يتعلق أولاً بقاعدة أبيدجان، في كوت ديفوار، ثم داكار في السنغال ليبرفيل في الغابون. وتبقى القاعدة العسكرية في جيبوتي الوحيدة التي حافظت على شكلها، حيث يصل قوامها 1500 عسكري. وتهدف حركة الانسحاب هذه إلى أن تكون الترجمة الملموسة للخطاب الذي ألقاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 28 فيفري الماضي بباريس، من أجل إعطاء التوجهات الرئيسية لخارطة الطريق الخاصة بإفريقيا بالنسبة لفترته الرئاسية الثانية. فبعد ثلاثة أشهر، تمّ الاتفاق على الخطوط العريضة للتعديلات القادمة، إذ يتعين سحب عدة مئات من العساكر الفرنسيين إجمالاً بين كوت ديفوار، التي تضم اليوم 950 عسكريًا، والسنغالوالغابون، حيث يوجد بشكل دائم حوالي 350 عسكرييًا فرنسياً. ولم يتم تحديد التوزيع بين هذه الدول الثلاث رسميًا بعد، لكن هذه الموجة الجديدة من الانسحاب العسكري ستكون سارية بحلول نهاية العام بالنسبة لبعض هذه القواعد، تؤكد صحيفة "لوموند". تماشيا مع انتهاء عملية "برخان" في الساحل في خريف عام 2022، بعد عشر سنوات من التواجد في مالي، تريد فرنسا بالتالي مواصلة عمليتها للانسحاب من إفريقيا. ففي حين أن "برخان" كان لديها ما يصل إلى 5000 عسكري، فإنّ القوة العاملة الفرنسية في "أوبيكس" المنحلة مقسمة الآن بين تشاد (1000 عسكري) والنيجر (1500). فمن هذين البلدين يتم الآن تجريب معظم العمليات الفرنسية في منطقة الساحل، ولاسيما لمكافحة الإرهاب، تضيف "لوموند". يحرص الجيش الفرنسي في النيجر أيضًا على عدم الظهور في الخطوط الأمامية، حتى لو تم تجربة هذه الطريقة بالفعل دون نجاح في مالي. ويبدو أن باريس تفضل في المستقبل إحياء المدارس الوطنية ذات التوجه الإقليمي، وهي الهياكل التي مولتها فرنسا جزئيًا منذ نهاية التسعينيات، ولكنها غير معروفة لعامة الناس. هناك حوالي خمسة عشر في القارة الإفريقية: في الغابون وكوت ديفوار والسنغال والكاميرون والنيجر وتوغو وبنين. توفر التدريب للجيوش الإقليمية في جميع مجالات الأمن والدفاع، ولكنها تضم اليوم حفنة من عمال الإغاثة الفرنسيين فقط. وتنقّل "لوموند" عن مصدر دبلوماسي فرنسي قوله: "المنطق ليس ترك فراغ، ولكن زيادة قوة شركائنا بطريقة مرئية وغير مصطنعة. يجب أن يكون تطور وضع القواعد الفرنسية في إفريقيا مصحوبًا أيضًا بتغيير في ملف التعريف بالأشخاص المنتشرين، مع المزيد من المتعاونين الفرنسيين على المدى الطويل". ومع ذلك، فقد لقي تخفيض عدد الأفراد العسكريين الفرنسيين ترحيبًا حارًا من قبل الدول المعنية. ولكي لا تفقد موطئ قدمها بالكامل في القارة، تحاول فرنسا بالتالي توسيع دعمها، على وجه الخصوص من خلال الاتحاد الأوروبي، الذي يرأس طاقمه العسكري الفرنسي، هيرفي بليجان.