تبني الجزائر تصوّرها في تحقيق الأمن ومواجهة التهديدات الإقليمية الجديدة التي باتت تعرفها منطقة الساحل الإفريقي على مقاربة أمنية مستمدة من خبرتها في التعامل مع الأوضاع المتوترة وغير المستقرة بالمنطقة، وفق إستراتيجية الأولويات الأمنية والتي تعتمد على التعاون الأمني الإقليمي والدولي وأخذ الاحتياطات الاستباقية بما يتماشى مع المستجدات والمتغيرات الجديدة. تعتمد المقاربة الأمنية الجزائرية في منطقة الساحل على أطر وآليات عدة بتصميم ورؤية أمنية استباقية تجاه التطورات الأمنية في الساحل، في إطار الجهود الرامية إلى الحفاظ على السلم والأمن في المنطقة، على أساس المساهمة في إيجاد الحلول السلمية للنزاعات في دول الجوار على غرار مالي وليبيا، بعيدا عن الخيار العسكري مع التمسك بمبادئها الأساسية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول في إطار سياستها الخارجية التي ساهمت في تعزيز مكانة ودور الجزائر المحوري في شمال إفريقيا، والاعتراف بأهميتها على الصعيد الإقليمي والدولي. وتسعى الجزائر إلى مواصلة سياستها التي تدعم جهود الحفاظ على السلم والأمن في ظل الأوضاع المتوترة وغير المستقرة على المستوى الإقليمي نتيجة التطورات التي تشهدها أزمة النيجر، وتزايد المخاوف من تعقد الوضع بمنطقة الساحل وتأثيراتها الأمنية والسياسية، ويتجسد ذلك من خلال مساعي الدولة الجزائرية وحرصها على بقاء الوضع في إطار سياسي سلمي، ومنع أي انزلاق له قد يهدد أمن واستقرار المنطقة، والذي يتجسد في إطار مواقفها الثابتة تجاه الوضع في النيجر بما يضمن استدامة الأمن والاستقرار في البلد ومنطقة الساحل. في هذا الإطار، أكد أستاذ الفلسفة السياسية، عبد الرحمن بن شريط ل»الشعب» أن هذه التحركات الدبلوماسية للدولة تأتي في ظل التحولات الدولية والرهانات الجيو-سياسية في منطقة الساحل الإفريقي، والتي تبقى المسألة الأمنية مهددة في أي لحظة، مشيرا إلى أنها تحمل في طياتها دلالات مهمة وكبيرة تعكس مساعي الجزائر لأخذ الاحتياطات الاستباقية اللازمة التي تمكنها من مواجهة أي تهديدات أمنية إقليمية. وأضاف بن شريط أن هناك حالة عدم استقرار في منطقة الساحل الإفريقي منذ سنوات، والوضع ليس جديدا بالمنطقة، مبرزا الدور الهام للجزائر في استقرار منطقة شمال إفريقيا والذي يتجسد في مواقفها الثابتة تجاه مختلف الأزمات الإقليمية، وهي مواقف تحظى بتقدير واهتمام في المحفل الدولي، بالنظر إلى تاريخها الناصع في الحرص على احترام المبادئ الإنسانية، والدعوة الدائمة إلى ما يجمع شمل الشعوب، ويوحد رؤاهم. وتحدث أستاذ الفلسفة السياسية عن أهمية المقاربة المميزة التي تتبعها الجزائر في منطقة الساحل في حل عديد القضايا المرتبطة بدول الجوار من خلال تبنيها للحل السلمي لتهدئة الأوضاع المتوترة، ودعم جهود منع حدوث أي انزلاقات أمنية بمنطقة الساحل، ما يمكن أن يشكل تهديدا لاستقرار المنطقة، على غرار ليبيا ومالي، مضيفا أن الجزائر تتمسك بمبادئها ومواقفها وتسعى إلى تفعيل مقاربتها الناجحة مع أزمة النيجر.