حسابات التوفير السكني وإمكانية التسويق الحر للمساكن الترقوية العمومية شمل قانون المالية في شقه المتعلق بالإعفاءات الضريبية جميع القطاعات دون استثناء، لما تشكله الرسوم الجزافية من أعباء تثقل كاهل المؤسسات الاقتصادية، بالتالي، فإن تحرير النشاط الاقتصادي من الأعباء الضريبية سيمكن المستثمرين من توسيع مشاريعهم الاستثمارية. كما اهتم نفس القانون بآليات تمكين المواطن من حصص سكنية إضافية ستصل إلى 250 ألف وحدة سكنية من مختلف الصيغ. وهي جهود تبذلها الدولة الجزائرية مع تحملها تداعيات تذبذب الأسواق الاقتصادية العالمية، وما يترتب عنها من ارتفاع لأسعار مختلف المواد، لا سيما المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع. لخص الخبير الاقتصادي هواري تيغرسي، أهم التدابير التشريعية لمشروع قانون المالية لسنة 2024، في جملة محاور تضمنت دعم الاقتصاد الوطني والتدابير المرافقة لتعزيز الاستثمار، من خلال التسهيلات الجبائية وتبسيط الإجراءات الإدارية، وكذا المحور المتعلق بالجباية والسبل التي من شأنها تحقيق الامتثال الضريبي ومكافحة الغش والتهرب الجبائيين من جهة، وتوسيع الوعاء الضريبي وتعبئة الموارد من أجل تعزيز الإيرادات الجبائية لضمن توازن في الإيرادات والنفقات العمومية. ويرى تيغرسي أن التدابير التي وردت في قانون المالية لسنة 2024، حسب الإمكانيات المالية الوطنية طبعا، كفيلة بضمان انطلاقة وحركية الاستثمار المحلي، خاصة تلك التي تضمنتها صراحة المادة 94 حيث تنص على استفادة المشاريع المهيكلة الممولة بقرض من الخزينة العمومية من شروط تمويلية خاصة مقررة من طرف السلطات العمومية مما يعبر عن إرادة سياسية حقيقية لبعث ومرافقة الاستثمارات ببلادنا. التحفيزات الضريبية..تخفيضات وإلغاءات وأضاف تيغرسي أن قانون المالية لسنة 2024 طغى عليه الجانب الاجتماعي فيما يتعلق بالحياة اليومية للمواطن الجزائر، والطابع التحفيزي بالنسبة للاستثمارات المهيكلة وغير المهيكلة، حيث استفادت جميع القطاعات دون استثناء من تحفيزات ضريبية، تتباين بين الإلغاء والتخفيض، لتتقاطع جميعها عند هدف مشترك يتمثل في فتح المجال واسعا أمام المستثمرين، وتذليل العراقيل من أجل بناء اقتصاد وطني متنوع بعيدا عن الريع، يمكنه أن يغني البلاد عن الاضطرار إلى الاستيراد وما يترتب عنه من استنزاف للعملة الصعبة وإنهاك مالي للخزينة العمومية. وذكر تيغرسي - على سبيل المثال لا الحصر - بعض الأمثلة عن القطاعات التي استفادت من تحفيزات ضريبية وجمركية على غرار قطاع الصيد البحري الذي استفاد من الترخيص لملاك ومجهزي سفن الصيد وتربية المائيات، مرة كل 05 سنوات، بجمركة المحركات البحرية الداخلية المستعملة التي يقل عمرها عن 05 سنوات. أما بالنسبة لشعبة الحليب فقد تقرر بموجب مشروع القانون، إعفاء رقم الأعمال المحقق من أنشطة توزيع وبيع الحليب الطازج، من الضريبة الجزافية الوحيدة. أما في مجال السكن، فقد سطرت الدولة برنامجا يحمل آفاقا للقضاء على أزمة السكن، بعزمها على تجسيد ما لا يقل عن 250 ألف وحدة سكنية بمختلف الصيغ لفائدة جميع فئات المجتمع، وفي هذا الإطار منح قانون المالية 2024، المؤسسة الوطنية للترقية العقارية، إمكانية التسويق الحر للمساكن الترقوية العمومية غير المباعة، مع مراعاة دفع الإعانات غير المباشرة للدولة. إضافة إلى إمكانية إنشاء حسابات التوفير السكني تكون أسعار الفائدة فيها معفاة لمدة 3 سنوات وتضمنها الدولة، وإعفاء مؤقت من الضريبة على الدخل الإجمالي، لمدة 3 سنوات، على الفوائد الناتجة في مجال التوفير السكني. اهتمام بالاقتصاد الدائري.. ونظرا للأهمية الاقتصادية التي أصبحت تشكلها النفايات بجميع أنواعها، وتوجه الإستراتيجية الاقتصادية الوطنية إلى الاستثمار في الاقتصاد الدائري، فقد قررت السلطات العمومية، توسيع تطبيق النسبة المخفضة 9% للرسم على القيمة المضافة المخفضة، المطبقة حاليًا على نفايات الألمنيوم والحديد والخشب والزجاج والكرتون والبلاستيك، إلى النفايات المطاطية، وزيوت المحرك وعلبة السرعة وزيوت التشحيم المستعملة، إطارات مطاطية غير المستعملة، زيوت ومواد دسمة غذائية، مجمعات تحتوي على الرصاص. إلى جانب الإعفاء من رسم الفعالية الطاقوية، على عمليات تصدير الأجهزة التي تشتغل بالكهرباء والغاز والمنتجات البترولية التي يتجاوز استهلاكها معايير الفعالية الطاقوية المنصوص عليها في التنظيم المعمول به. أما عن الجديد الذي تضمنته تدابير قانون المالية 2024، فقد تمثل في إعادة فتح حساب التخصيص الخاص رقم 084-302 المعلق بالصندوق الخاص لترقية الصادرات، من أجل تشجيع الصادرات ومضاعفة إيرادات الخزينة العمومية من العملة الصعبة مما سيمكن من تحقيق توازنات بين الإيرادات والنفقات.