اتفق خبراء الاقتصاد في الجزائر والمهتمين بعالم المقاولاتية والمؤسسات النشطة في الميدان على وضع الرئيس تبون قاعدة عمل صلبة لعالم الاقتصاد اليوم، مؤكدين في ذات السياق على أن الرهان على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة رهان صائب ويتناغم مع المناخ الاقتصادي السائد في الجزائر، منوهّين بالقرارات التي استجاب فيها الرئيس لطلبات المتعاملين الاقتصاديين. أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبّون خلال إشرافه على لقاء مع رواد الأعمال الاقتصاديين، جرى في ختام أيام المقاولاتية، التي نظمها مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال أن "إلغاء الرسم على النشاط المهني، المتضمن في مشروع قانون المالية لسنة 2024، يأتي استجابة لطلبات المتعاملين الاقتصاديين الوطنيين والمستثمرين منذ عشرين سنة وهو ما من شأنه دفع الإنتاج، مجددا حرص السلطات العمومية "على تشجيع القطاع المنتج". أوضح الخبير الاقتصادي يوسف ميلي، أن القرارات التي أتى بها رئيس الجمهورية للاقتصاد وللمؤسسات الاقتصادية خاصة، قرارات إيجابية، لاسيما تلك التي ميزّت سنة 2023، وتكتسي طابع الأهميّة وهي تعالج المشاكل الموجودة في ساحة الاقتصاد والعمل المقاولاتي، كما أنها تستجيب لمطالب المتعاملين الاقتصاديين. وأضاف محدثنا أن الرئيس كان صارما من خلال معالجته لحكمية تنفيذ هذه القرارات والتي تعتبر أحد أهم المشاكل التي طرحت خلال الفترة السابقة والتي لا تزال تكبح جهود الدولة في بعض الأحيان حتى في الفترة الحالية، وأرجع محدثنا هذا الأمر إلى الطبيعة البيروقراطية التي تتسم بالثقل في تنفيذ القرارات، وهو ما يسمح بضياع مثل هذه القرارات وسط الطبيعة البيروقراطية. وأفاد رئيس الجمهورية أنه تم في وقت سابق رفع العراقيل عن نحو 900 مؤسسة من خلال مؤسسة وسيط الجمهورية وهو الأمر الذي سمح بخلق حوالي 22 ألف منصب شغل. وفي ذات السياق قال رئيس منتدى الاستثمار يوسف ميلي أن هذا الرقم يمكن اعتباره كنموذج لإرادة رئيس الجمهورية لرفع العراقيل على المشاريع والاستثمار والمستثمرين، مشيرا إلى أن الحديث على دولة مثل دولة الجزائر بمثل تلك المساحة الشاسعة والتعداد السكاني المهم أغلبه من الشباب، يرفع من سقف التحدي عاليا في مجال المناخ الاقتصادي وعالم المقاولاتية. وأضاف يوسف ميلي أن هذه الخطوة إيجابية وتظهر أن الإرادة الحقيقية والإرادة السياسية بإمكانها التغلب على الكثير من العوائق البيروقراطية. وحول تأكيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على المسعى القاضي بالعمل على بناء اقتصاد منتج ومتنوع قائم على التصدير بدعم من قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع تقليص الاستيراد، في إطار "نموذج اقتصادي جديد متحرر من الذهنيات والممارسات السابقة". وقال رئيس منتدى الاستثمار إن الاقتصاد الجزائري وطبيعة القوانين السارية في الاقتصاد الجزائري يدعم بشكل كبير مسعى الرئيس ويتناغم مع الأهداف التي تنشدها الحكومة، مفيدا أن "المؤسسات الصغيرة والمتوسطة سهلة من ناحية التمويل ومن ناحية التسيير، كما أنها سهلة من ناحية التكيف السريع مع الظروف الاقتصادية، في حين لو نأخذ المؤسسات الكبيرة أو المؤسسات الإستراتيجية فهذه المؤسسات ربما من الصعب أنها تتأقلم مع الاقتصاد الجزائري، خاصة في المرحلة التي لا نعاني فيها من بورصة ضعيفة النشاط وتداول أقل نشاطا لصناديق الاستثمار وغير ذلك". وفي ذات السياق، يرى محدثنا أن الرئيس أصاب في الرهان على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ويعي جيدا مناخ الاقتصاد الجزائري وطابع المؤسسات التي تتكيف معه. وحول رهان الرئيس تبون على الاستثمار في قطاع التعدين والصناعات الخفيفة التي لا تتطلب استثمارات مالية وتكنولوجية كبيرة، ذكر رئيس منتدى الاستثمار أننا "نملك في الجزائر تاريخا وخبرة في قضية الصناعة الميكانيكية والتعدين مذكرا بالقاعدة الصناعية الكبيرة التي كنا نمتلكها في نهاية السبعينات، وهي القاعدة التي كانت تفتقر لها بعض الدول المتطورة في عالمنا اليوم مثل كوريا الجنوبية، أو الكثير من الدول التي تفتقر حتى للنسيج الصناعي في الجانب الميكانيكي الذي عندنا اليوم". وعرّج محدثنا عن المرحلة التي ميزت الجزائر في التسعينات وكيف تم تحطيم هذا الهيكل والقاعدة في الصناعة الميكانيكية والتعدين التي كنا نمتلكها، لكن الخبرة البشرية بقيت موجودة وتكونت في دول ذات باع طويل في الصناعة الميكانيكية ومجال التعدين، مثمنا هذه التجربة التي تحتاج فقط لإعادة وضع سياسة جديدة وحقيقية بعيدة عن النظرة الإدارية والبيروقراطية لإعادة إحياء هذا القطاع الذي نملك فيه خبرة كبيرة في الجانب البشري.