لا بديل عن الوقاية لتجنّب الفيروس القاتل يُعرف الفيروس المسبب لنقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، باسم فيروس العوز المناعي البشري (HIV)، ينتقل أساسا، عن طريق الاتصال المباشر بالسوائل الجسدية مثل الدم والسوائل الجنسية لشخص مصاب، وتخص دول العالم، عامل الوقاية من الايدز، بجهود حثيثة، تتضمن عنصر توعية المجتمعات حول وسائل الانتقال وتشجيع استخدام وسائل حماية، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية والدعم للأفراد المصابين بالفيروس. تعتبر الجزائر من الدول القليلة التي تنتهج سياسة الدعم الاجتماعي، بما فيه مجانية العلاج والتكفّل الصحي بالأشخاص المصابين بأمراض مزمنة والخطيرة، على غرار مرضى السرطان ومرضى فيروس نقص المناعة المكتسبة، حيث تتسمّ عملية التكفل بهذه الفئات، بالمجانية، مقابل التكلفة المالية التي تستنزفها الأدوية الداخلة في البروتوكول العلاجي، والتي يقع عبءها على عاتق الدولة. تقول المختصة في علاج الأمراض المعدية، بمستشفى يسعد خالد بمعسكر، الدكتورة عائشة بيداي، أن تكلفة علاج شخص مصاب بفيروس الإيدز (HIV) تختلف بشكل كبير حسب المكان ونوعية الرعاية الطبية المتاحة، مشيرة أنه من الصعب تحديد تكلفة الأدوية المضادة للفيروسات، التي تدخل في العلاج من فيروس نقص المناعة المكتسبة، بسبب هذه التفاوتات، غير أن الجهود التي تبذلها الجزائر، في هذا السياق، لا يمكن انكارها، وقد تصل سنويا إلى ملايير الدينارات سنويا لقاء توفير مضادات الفيروسات للتحكم في الفيروس المسبب لمتلازمة نقص المناعة المكتسبة (AIDS)، فضلا عن ما تستلزمه التغطية المالية لتكاليف تحاليل قياس الحمل الفيروسي في جسم المصاب، وتقييم فعالية العلاج المضاد للفيروس. وتوضّح الدكتورة، أن ما يستنزفه التكفل الصحي بمرضى الايدز، من موارد مالية حكومية ضخمة، يدفعنا إلى إعادة التفكير في سياسة الوقاية المنتهجة، في ظل غياب بطاقية وطنية تحدّد عدد وهوية المصابين بالفيروس، بالنظر إلى عامل السرية التامة التي تتمتع بها هذه الفئة لحماية هوياتهم، مشيرة، أن عامل السرية ناتج عن نظرة المجتمع لفئة المصابين، بعين الذم والخوف منهم والاقصاء، ولا يمكن في الوقت الحالي التخلّي عنها، من أجل تشجيع المصابين على العلاج، وتحفيز غير المصابين على اجراء الكشف الطوعي عن الفيروس، في وقت يستدعي انخراط فعاليات المجتمع المدني في عمليات التحسيس والتوعية، وتجنده لإشاعة الثقافة الصحية بين أفراد المجتمع. وتأسفت بيداي، لعزوف الجمهور عن اجراء الكشف الطوعي عن فيروس السيدا، مؤكدة أن اعتماد الجزائر لإجراء التحاليل الإجبارية للكشف عن فيروس نقص المناعة المكتسبة، للأشخاص المقبلين على الزواج، أو المقبلين على العمليات الجراحية وعمليات التوليد، تكلّلت بالحد من نطاق انتشار عدوى فيروس الايدز نسبيا. وكشفت عن اصابات جديدة، كما ساهمت في رفع درجة الوعي الصحي بين المواطنين بخصوص الفيروس، الذي تبقى جهود مكافحته مرتبطة بالمزيد من التوعية والتحسيس بضرورة الوقاية منه قائمة، على أساس كسر الطابوهات والحديث عن عوامل الإصابة دون حرج. العلاقات الجنسية غير المحمية سبب رئيسي للعدوى وتنجم الاصابة بفيروس السيدا حسب المتحدثة، إلى عوامل مباشرة وأخرى غير مباشرة، موضحة في حديثها، أن الاتصال الجنسي غير المحمي يعد من العوامل الرئيسية في الإصابة، يشكل الاتصال الجنسي الشرجي نسبة كبيرة من عوامل الإصابة، بين الشباب من الجنسين وذوي الميول الجنسية غير الطبيعية. كما لا تُحصر الإصابة بالفيروس بين الأزواج غير الشرعيين، انما تتعدى ذلك إلى الأزواج الشرعيين في حال غياب عنصر الوفاء بين الزوجين، الذين يمارس أحدهما أو كلاهما اتصالات جنسية غير محمية ومتعددة خارج العلاقة الزوجية. وأضافت المختصة في الأمراض المعدية، أن فيروس نقص المناعة المكتسبة، يمكن أن ينتقل أيضا من خلال عمليات نقل الدم في حال عدم اتباع أساليب الفحص الدقيقة بالمختبرات، الملامسة المباشرة لأدوات جراحة ملوثة أو وسائل حادة وثاقبة تستعمل في الحلاقة والحجامة وعمليات الختان وعمليات التجميل، في حال وجود جروح مفتوحة، وهو الحال كذلك بالنسبة لانتقال الفيروس عن طريق اتصال جنسي شرجي، بذكر حدوث تمزقات على مستوى انسجة المستقيم وفتحة الشرج. وغير ذلك، اشارت الى أن تعقيم ادوات الجراحة عند ممارسي الأنشطة الصحية، على غرار أطباء الأسنان، مراكز التجميل والحجامة، ضروري بعد كل ممارسة، موضحة أن عدم توفر بعض عيادات طب الأسنان على أجهزة التعقيم واهمال النظافة عامل أساسي لتفشي العدوى بمختلف الفيروسات، على غرار التهاب الكبد الفيروسي وفيروس السيدا. وأوضحت المتحدثة، أن الإيدز حالة مرضية مزمنة يسببها فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) الذي يصيب خلايا CD4 ويؤدي إلى تدميرها، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء المسؤولة عن الجهاز المناعي، وتظهر أعراضه خلال الأشهر الأولى من الإصابة في شكل حمى شديدة ومؤشرات الاصابة بالأنفلونزا، الطفح الجلدي والتقرحات والتورم. كما قد لا تظهر أي اعراض على المصاب (حامل الفيروس) اعتمادا على صلابة جهاز المناعة، مشيرة أنه على الأشخاص الذين يكتشفون إصابتهم بالفيروس الالتزام بالمتابعة الطبية والعلاج، والأهم من ذلك الالتزام بشروط الوقاية من تفاقم الفيروس وتطوره، الأمر الذي سيقيهم حتما من الأمراض الانتهازية التي تصيب جسم المصاب وتفاقم وضعه الصحي، علما أن الأمراض الانتهازية هي السبب المباشر لوفاة المريض بالسيدا وليس الفيروس بحد ذاته. واضافت الدكتورة بيداي، أن أغلب المرضى المصابين بفيروس الايدز بمعسكر، يصنفون ضمن الفئة الاجتماعية الهشة، التي تتكفل الدولة بمصاريف علاجها، حيث تعتبر المرافقة الصحية لمرضى الايدز مكلفة جدا، على أن يعتمد المريض على نفقاته الخاصة لإجراء اختبار دم الأجسام المضادة للفيروس بصفة دورية، غير المتوفرة لدى المؤسسات العمومية الاستشفائية، والتي تصل تكلفتها إلى 30 آلاف دج لدى مخابر التحاليل الخاصة، ويحتاج إليها المريض بالسيدا دوريا طيلة فترة العلاج، وعليه تبقى الوقاية من الفيروس أفضل من التورّط في رحلة العلاج المتعبة من كل الجوانب، حسب الدكتورة رفاس، وذلك بالتحلي بثقافة صحية وانتهاج سلوكيات تحمي الأشخاص من هذا الفيروس المشؤوم. ارتفاع ملحوظ في 2023 أحصت ولاية معسكر، حسب مصلحة الوقاية بمديرية الصحة، ارتفاعا مقلقا في عدد الإصابات بفيروس نقص المناعة المكتسبة، بنسبة 110% خلال السنة الجارية إلى غاية نهاية شهر أكتوبر الماضي، وذلك بتسجيل 51 اصابة جديدة و13 اصابة مشتبهة، مقارنة بالسنة الماضية 2022، التي سجل خلالها 24 حالة إصابة بمرض الايدز، وتتوزع هذه الإصابات المكتشفة حديثا، بين 5 حالات بين الأطفال بين 0-14 سنة، و25 إصابة بين الفئة العمرية بين 20-40 سنة، و17 اصابة بين المصابين في سن 45-64 سنة، وحالتين لدى شخصين في 66 من العمر، ويتوزع مجمل الإصابات على 30 شخصا من جنس ذكر، و21 امرأة. وذكر مسؤول مصلحة الوقاية لدى مديرية الصحة الدكتور ملياني، أن 70% من الإصابات المسجلة هذه السنة، اكتشفت عن طريق الصدفة بين أشخاص أجروا التحاليل الإجبارية قبل عمليات جراحية أو على هامش تشخيص دقيق لحالات مرض عادية، دون أن تسجل أي اصابات بسبب حوادث العمل أو الأخطاء الطبية، مثلما كان ذلك حال بعض الاصابات التي سجلت بولاية معسكر سنوات سابقة، بين طفل اجريت له عملية ختان في عيادة خاصة، وامرأة حامل اجريت لها عملية نقل دم ملوث عن طريق الخطأ.