ثقة و موثوقية وتقدير دولي..وتواجد مميز في المحافل العالمية عمل رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، منذ تولي الرّئاسة في ديسمبر 2019، على إعادة الجزائر إلى الساحة الدولية والاقليمية، واستعادة أمجاد الدبلوماسية الجزائرية على جميع الأصعدة، لاسيما الوساطة، إذ تعد الجزائر من بين الدول القليلة في العالم التي تحظى بالتقدير والموثوقية اللازمة، للتوسط في حلّ أعقد الأزمات الدبلوماسية، حيث تمتلك الجزائر تاريخا حافلا في هذا المجال على المستويين الافريقي والدولي. على المستوى العربي، استضافت الجزائر القمة العربية 31 في نوفمبر 2022، وكان الهدف منها إعادة تعزيز الوحدة العربية وإعادة ترتيب البيت العربي، وفي أكثر من مناسبة، أكّد رئيس الجمهورية أن المنطقة العربية هي امتداد طبيعي للجزائر، معربا عن أمله أن يكون اجتماع الجامعة العربية في الجزائر انطلاقة حقيقية لتوحيد الصف العربي. يأتي هذا في ظل التحديات التي عاشتها المنطقة خلال العقد الماضي تركت آثاراً سلبية، كما كانت الجزائر السباقة على المستوى العربي للتوسط لإعادة سوريا للحضن العربي، وهو ما تم بالفعل. ويجمع المتابعون أنّ الجهود الجزائرية والتي قادها رئيس الجمهورية كانت السبب المباشر في عودة سوريا للجامعة العربية، خاصة وأن الجزائر من الدول القليلة التي لم تبارك التدخل الأجنبي في سوريا، وسحبت مقعدها في جامعة الدول العربية سنة 2012. دعم القضايا العادلة وقضايا التّحرّر بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الجزائر - منذ بداية عهدة الرئيس تبون - التزامها الراسخ بدعم القضايا العادلة والتضامن الدولي، وهي أحد المبادئ الأساسية التي تقوم عليها الدبلوماسية الجزائرية، في هذا السياق، سعت الجزائر إلى تسليط الضوء على القضية الفلسطينية التي شهدت محاولات للطمس، حيث عملت جاهدة على إعادة إحياء هذه القضية، بدايةً من توحيد الصفوف الداخلية. وعلى مدى عام كامل، من ديسمبر 2021 إلى غاية أكتوبر 2022، استضافت الجزائر ممثلين عن عدة فصائل فلسطينية، بما في ذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي استقبله رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وكان الهدف تحقيق التقارب وتجاوز الخلافات الداخلية بين مختلف الفصائل الفلسطينية التي تستغلها قوى خارجية وإقليمية، وحتى صهيونية لتقويض القضية وقتلها، لاسيما وأن هذا الخلاف الداخلي المستمر منذ أوت 2007 صاحبه موجة من التطبيع، مسّت العديد من الدول العربية. وفي ختام المساعي الدبلوماسية، نجحت الجزائر في تنظيم مؤتمر للصلح في أكتوبر 2022، حيث اتفقت الفصائل الفلسطينية - الممثلة ب 14 فصيلاً - على توقيع إعلان الجزائر، وهو وثيقة تاريخية تُعَدُّ خريطة طريق لتجاوز الخلافات. وفي إطار التأكيد على أهمية القضية الفلسطينية، جعلت الجزائر هذه القضية إحدى أولويات القمة العربية، وتجسّدت الجهود الدبلوماسية البارزة للجزائر في إعادة بعث القضية الفلسطينية، وإعادتها إلى المشهد الدولي وتحت إدارة فعّالة وحكيمة من قبل رئيس الجمهورية. ولم يمض وقت طويل، حتى أكّدت الأحداث صحة وجهة النظر الجزائرية، حيث شهدنا في السابع من أكتوبر الماضي، عدوانا من قبل الكيان الصهيوني على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد عشرات الآلاف. وتتواصل هذه المأساة حتى الآن، وفي مواجهة هذا العدوان، دعا رئيس الجمهورية إلى محاكمة الكيان الصهيوني أمام المحكمة الجنائية الدولية، وقد لاقت هذه الدعوة ترحيبًا واسعًا على الساحة الدولية من قبل عدد كبير من السياسيين والمنظمات غير الحكومية. دعم الشّعب الصّحراوي من جهة أخرى، استمرت الجزائر في دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وفقًا للقانون الدولي والشرعية الدولية. وفي خطابه من منبر الأممالمتحدة في سبتمبر الماضي، أكّد رئيس الجمهورية أن «شعب الصحراء الغربية ما يزال محروما من حقه في تقرير المصير وفق خطة مجلس الأمن»، ويأتي ذلك في سياق رفض المحتل لتنفيذ قرارات الأممالمتحدة المتعلقة بتقرير المصير لأكثر من 30 عامًا، بدءًا من وقف إطلاق النار الموقع بين جبهة البوليساريو والمحتل المغربي سنة 1991، والذي اخترقه المخزن في 2019 بعد التدخل العسكري في معبر الكركرات. وتحث الجزائر على احترام الشرعية الدولية، ومنح الشعب الصحراوي حقه في تقرير مصيره، خاصة في ظل استغلال الاحتلال للثروات في المنطقة دون موافقة شعبها. وقد أدّى هذا الوضع إلى قرار من المحكمة الأوروبية يعتبر أي نشاط تجاري بين المحتل المغربي والاتحاد الأوروبي يشمل إقليم الصحراء الغربية غير قانوني وغير شرعي. العودة للسّاحة الدّولية والإقليمية على مستوى الساحة الدولية، نجحت الجزائر في تحقيق العديد من المكاسب بداية بحصولها على مقعد غير دائم في مجلس الأمن، حيث تبدأ عضويتها في جانفي 2024. خلال هذه الولاية، تتطلّع الجزائر إلى دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الأفارقة. ويأتي هذا في سياق جهود الجزائر الريادية في القارة الإفريقية للدعوة إلى إصلاح مجلس الأمن، والتخلص من الظلم التاريخي الذي تعرض له الأفارقة، مع التشديد على حقهم في مقعد دائم في هذا المجلس، وتعتبر الجزائر أحد القوى المؤثرة في لجنة العشرة للاتحاد الإفريقي المعنية بإصلاح مجلس الأمن للأمم المتحدة، وفي آخر اجتماع لها جدّد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، التزام الجزائر بالتمسك بالحق المشروع لإفريقيا في الوصول إلى العضوية الدائمة بمجلس الأمن الاممي، مؤكّدا مواصلة العمل دون هوادة من أجل إعلاء صوت القارة ومطالبها المشروعة. أمميا، وفي خطاب تاريخي في سبتمبر الماضي، ومن على منبر الأممالمتحدة، دعا رئيس الجمهورية المجتمع الدولي بشدة إلى ضرورة قيام دولة فلسطين المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، ومنح فلسطين عضوية كاملة في الأممالمتحدة. هذه الدعوة حظيت بدعم واسع على الساحة الدولية لاسيما تركيا، والتي أكّد رئيسها ذلك خلال زيارته الأخيرة للجزائر في الأسابيع الماضية. وتتّبع الجزائر سياسة الصوت العالي في تعاملها مع القضايا العادلة، وقضايا التحرر وتقرير المصير، ويبقى الغرب ودعمه اللامشروط للكيان الصهيوني، أحد الأسباب الرئيسية في عدم تنفيذ المقررات الدولية فيما يخص حل القضية الفلسطينية، حيث يبقى الدعم الغربي للكيان الصهيوني غير مفهوم في كثير من الأحيان، خاصة في ظلّ اعتبار الغرب للأزمة في أوكرانيا جريمة حرب، بينما يتجاهل الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني في فلسطين. هذا ما ترفضه الجزائر بشدة، وقد جاء ذلك على لسان رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة، حيث أكّد الرئيس تبون أن مجلس الأمن يعاني «شللا شبه تام»، وأنّ «الاحتلال الصهيوني أصبح لا يعير أي عناية لما تنطق به، ولا يحسب أدنى حساب لما تقرّه المنظومة الأممية»..جاء ذلك في كلمة للرئيس تبون قرأها نيابة عنه وزير الخارجية أحمد عطاف، خلال القمة 15 لمجموعة العشر التابعة للاتحاد الإفريقي، والمعنية بملف إصلاح مجلس الأمن، بمدينة أويالا بغينيا الاستوائية.