تعتبر الجزائر من الدول العربية الداعمة بشكل غير مشروط للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته. وبذلت الدبلوماسية الجزائرية جهودًا مضنية في العامين الأخيرين، في سبيل إعادة إحياء القضية الفلسطينية من جديد، وإيقاظ الوعي بها بعد حالة من السبات والتجاهل الدولي والإقليمي، بسبب عدة عوامل زادت من حدتها حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي التي تعيشها بعض الدول العربية في كل من سوريا وليبيا واليمن، كما ساهم الانقسام الداخلي بين الفصائل الفلسطينية في إضعاف القضية ووحدة الصف الفلسطيني. عملت الجزائر في هذا الإطار على مستويات عدة، لجعل القضية الفلسطينية ضمن محور الاهتمام العربي والإسلامي. وسعت الدبلوماسية الجزائرية إلى إعادة توحيد الصف الفلسطيني، ووضع القضية الفلسطينية على رأس جدول أعمال القمة العربية المنعقدة في الجزائر خلال نوفمبر الماضي. كما تم منح القضية الفلسطينية البعد الدولي، من خلال طرحها في المؤتمر 17 لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المنعقد بالجزائر، مع تقديم اقتراحات عملية، من بينها ضرورة الضغط في الأممالمتحدة من أجل حصول فلسطين على العضوية الكاملة. لمّ الشمل الفلسطيني خطوة أساسية منذ أكثر من عام، باشرت الدبلوماسية الجزائرية جهودها في إصلاح العلاقات بين الفصائل الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام التي استمرت لفترة طويلة. وفي نهاية عام 2021، استقبل الرئيس الجزائري السيد عبد المجيد تبون، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وكان هذا اللقاء بمثابة تمهيد ل«إعلان الجزائر"، حيث عُقد في أكتوبر 2022 مؤتمر لمّ الشمل من أجل الوحدة الوطنية الفلسطينية، وحضره أكثر من 14 فصيلاً فلسطينيًا، بما في ذلك حركة حماس والجهاد الإسلامي. وبعد مناقشات طويلة، تم توقيع "إعلان الجزائر"، الذي شكل خارطة طريق لإنهاء حالة الانقسام الداخلي في فلسطين، ومن بين نتائجه تعيين لجنة متابعة عربية برئاسة جزائرية لمتابعة تنفيذ الإعلان. وفي يوم الأحد الماضي، اتفقت الفصائل الفلسطينية المشاركة في منتدى إذاعة الجزائر الدولية، على أن المقاومة الشعبية الفلسطينية هي الخيار الوحيد لمواجهة عدوان قوات الاحتلال على المسجد الأقصى وقمع المصلين المعتكفين فيه. وشددوا على أهمية تنفيذ "إعلان الجزائر" بأسرع وقت ممكن، الذي يوفر إطاراً لإنهاء الانقسام الفلسطيني. القضية الفلسطينية.. أولوية قصوى بالقمة العربية بعد انقطاع دام ثلاث سنوات، بسبب جائحة كورونا، انعقدت القمة العربية الواحدة والثلاثين في الجزائر العاصمة، بحضور جميع دول العالم العربي. وكانت قمة فلسطين بامتياز، إذ تصدرت القضية الفلسطينية جدول أعمال الزعماء العرب، وأولى فقرات البيان الختامي، الذي أكد على مركزيتها، لاسيما أن البيان تطرق إلى تفاصيل مهمة، بما في ذلك عودة اللاجئين وإقامة دولة فلسطين المستقلة في حدود 1967، وفقاً للمبادرة العربية التي قدمتها المملكة العربية السعودية عام 2002. وكخطوة عملية، أقرت القمة ضرورة التوجه نحو حصول فلسطين على عضوية كاملة في الأممالمتحدة، ومحاسبة الاحتلال على جرائم الحرب التي ارتكبها ومازال يرتكبها. وفي الأيام القليلة الماضية، أدانت الجزائر الأعمال العدائية التي يقوم بها الكيان الصهيوني في القدس ضد المصلين العزل، ودعت وزارة الخارجية الجزائرية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته. وبعد أشهر قليلة من عقد قمة جامعة الدول العربية، احتضنت الجزائر المؤتمر السابع عشر لاتحاد مجالس منظمة التعاون الإسلامي، حيث تصدرت القضية الفلسطينية جدول أعمال المؤتمر، وذلك نظراً لأهميتها، كونها القضية المركزية للمسلمين. وخلال المؤتمر، تم مناقشة عدد من الملفات التي تتعلق بحقوق الشعوب، خاصة في ظل العدوان الذي تتعرض له فلسطين من قبل الكيان الصهيوني الغاشم، الذي يمارس سياسة الاستيطان ويتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني، ويقوم بارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين. ولا تزال الجزائر تعمل على دعم القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، وتدين بشدة الاعتداءات العدوانية التي يتعرض لها الفلسطينيون وتؤكد على حقهم في إقامة دولتهم المستقلة. اجتماع طارئ حول الوضع في فلسطين وتواصل الجزائر جهودها في دعم القضية الفلسطينية، حيث دعا رئيس المجلس الشعبي الوطني ابراهيم بوغالي، بصفته رئيسا لاتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، إلى عقد اجتماع طارئ عن بعد للترويكا الرئاسية، ولجنة فلسطين، بالنظر الى "الوضع الطارئ الذي تشهده فلسطين، لاسيما الاعتداءات السافرة الأخيرة لاحتلال الكيان الصهيوني على المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المعظم". وفي كلمة له في الاجتماع، الذي عقد يوم الاثنين الماضي، أكد بوغالي أنه تواصل مع بعض رؤساء مجالس الدول الأعضاء بالاتحاد والأمانة العامة، "من أجل التشاور حول كيفية التعامل مع الأوضاع الناجمة عن الاعتداءات السافرة التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك والشعب الفلسطيني في هذا الشهر الفضيل"، مبرزا أهمية هذا الاجتماع الذي "بادرنا به وكنا حريصين على تنظيمه أمام هول الموقف وخطورة الوضع". ويشهد الكيان الصهيوني اضطرابات داخلية معقّدة تنبئ بدخوله مرحلة التفكك الذاتي، لاسيما وأن تقارير عديدة تفيد بأن الأوضاع الدولية الحالية لا تصب في مصلحة الكيان. ودخلت الصين الدولة الصاعدة في النظام الدولي على خط الأزمة، حيث دعت الكيان الصهيوني إلى الوقف "الفوري" للتوترات في القدس. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية، إنه "على الأطراف المعنية التصرف وفقا لقرارات الأممالمتحدة واحترام الوضع التاريخي للأماكن المقدسة في القدس". ومن شأن الحضور الصيني المتعاظم في المنطقة، أن يلعب دورا في دفع القوى الغربية للضغط على الكيان الصهيوني للقبول بخارطة الطريقة العربية المقدمة سنة 2002 والمدرجة في البيان الختامي للقمة العربية المنعقدة في الجزائر.