يوم جديد من التصعيد تشهده غزة، حيث تتواصل الإبادة ومعها الغارات وقتال الشوارع بين الجيش الصهيوني وفصائل المقاومة الفلسطينية التي ألحقت بالقوات الغازية ضربات موجعة. فيما لا تبدو نهاية قريبة للعدوان الذي خلق أزمة إنسانية طاحنة تعصف بمئات الآلاف من الفلسطينيين بعد تدمير منازلهم وإرغامهم على التشرّد في العراء في أجواء طبيعية لا تحتمل. في اليوم 72 من العدوان، يواصل جيش الاحتلال الصهيوني قصفه على مناطق متفرقة في قطاع غزة، متسببا في ارتقاء مزيد من الشهداء الذي بلغ عددهم منذ السابع أكتوبر، نحو 19 ألف شهيد و55 ألف جريح، بينهم 8 آلاف طفل و6200 امرأة. وقد ارتقى، أمس، عدد كبير في جباليا وحدها، حيث أفاد الإعلام الفلسطيني باستشهاد 14 وإصابة 9 آخرين في قصف منزل شمال قطاع غزة. وقبلها ذكر المركز الفلسطيني للإعلام، أن قوات الاحتلال قصفت منازل في حي المنارة جنوبي شرق خانيونس بقطاع غزة ما أسفر عن ارتقاء شهداء وإصابة أعداد كبيرة. كما أفاد بوقوع اشتباكات عنيفة بين مقاومين فلسطينيين والجيش الصهيوني في منطقة تل الزعتر في مخيم جباليا بالقطاع. وذكر أن اشتباكات اندلعت في حي الشيخ رضوان بمدينة غزة وسط قصف مدفعي صهيوني مكثف. وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين جراء الحرب الصهيونية على القطاع إلى 18 ألفا و800 قتيل، منهم 8 آلاف طفل و6200 امرأة ونحو 330 قتيلا من الطواقم الطبية والدفاع المدني، مشيرا إلى أن عدد المصابين زاد إلى 51 ألفا. تعمّد تصفية الصحافيين في الأثناء، مازال الصحفيون في غزة يدفعون ثمنا باهظا، حيث استشهد أكثر من 75 صحافيا وعاملا في مجال الإعلام منذ بداية العدوان. فصباح، أمس، دُفن جثمان مصور قناة الجزيرة سامر أبو دقة، الذي استشهد إثر غارة صهيونية استهدفته هو ومراسل الجزيرة وائل الدحدوح في محيط مدرسة فرحانة في خانيونس جنوبي قطاع غزة، الجمعة. وقد ظل الشهيد ينزف ساعات عدة بسبب عدم تمكن طواقم الإسعاف من الوصول إليه نتيجة القصف الصهيوني. كما أصيب مصور صحفي في القدسالمحتلة، حيث أظهرت مشاهد نشرتها وكالات إعلامية المصور يتعرّض للاعتداء على أيدي حرس الحدود الصهاينة. جهود لصفقة تبادل جديدة من جهة أخرى، أعلن الجيش الصهيوني، الجمعة، أن قواته قتلت ثلاثة من الأسرى "عن طريق الخطإ" في غزة، بعدما اعتقدت أنهم يشكلون "تهديدا". ورفع الإعلان عن هذا الخبر منسوب غضب أهالي الأسرى المحتجزين لدى المقاومة، الذين خرجوا مجدّدا للمطالبة بالعمل على إطلاق سراحهم. وبذلك يرتفع عدد الأسرى الصهاينة الذين تأكد مقتلهم إلى 22. وأطلق سراح 110 ومازال هناك 129 أسيرا غير معروف ما إذا كانوا أحياء أو أموات. هذا، ووسط الضغوط التي تتزايد عليها، خاصة بعد مصرع ثلاثة من الأسرى بنيران صهيونية، تسعى حكومة الاحتلال إلى استئناف المفاوضات لصفقة تبادل جديدة، ولهذا الغرض وصل رئيس الموساد الصهيوني إلى العاصمة القطريةالدوحة. وقالت مصادر إعلامية صهيونية، إن سلطات الاحتلال معنية بصفقة أخرى لتحرير باقي الأسرى، وتضغط باتجاه شروط أفضل لتحقيقها. وأيد وزراء الكابينت المصغر "حكومة الحرب" محاولة استئناف الاتصالات هذا الأسبوع. وأكدت دولة قطر أنها تواصل جهودها الدبلوماسية لتجديد الهدنة في غزة، معبرة عن أملها بأن يتم البناء على ما تحقق حتى الآن لإنجاز اتفاق شامل ومستدام ينهي الحرب، ويوقف سفك دماء "أشقائنا الفلسطينيين". جيش الاحتلال يدفع ثمنا باهظا ارتفع عدد القتلى في صفوف جيش الاحتلال الصهيوني بقطاع غزة إلى ما يقرب من الضعفين، مقارنة بالخسائر التي تكبدها في حربه البرية في عام 2014، وهو ما يعكس حجم توغله في القطاع ومدى براعة حركة حماس في استخدام أسلوب حرب العصابات وترسانتها الكبيرة من الأسلحة. ومنذ بدء الاحتلال توغله البري في أواخر أكتوبر، قُتل نحو 110 من العساكر الصهاينة عندما دخلت الدبابات وقوات المشاة إلى المدن ومخيمات اللاجئين، بحسب أرقام صهيونية رسمية. وكان ربع هذا العدد تقريباً من أطقم الدبابات. ويقارن هذا العدد بنحو 66 عسكرياً لقوا حتفهم في العام 2014 عندما شنت قوات الاحتلال توغلاً برياً محدوداً دام ثلاثة أسابيع، لكن الهدف حينها لم يكن القضاء على حماس. الوضع الإنساني في الحضيض ومع استمرار حرب الإبادة، ارتفعت مستويات الجوع في قطاع غزة المحاصر، وأدى قطع الاتصالات الهاتفية والإنترنت لفترة طويلة إلى تفاقم المعاناة، في ظل شحّ المساعدات الإنسانية مقارنة بضخامة الاحتياجات، وعزل الناس عن الغذاء والدواء والوقود. ومع دخول قدر ضئيل من المساعدات وتعطّل التوزيع بسبب الحرب، أفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عن زيادة من 38% إلى 56% في عدد الأسر النازحة التي تعاني من مستويات شديدة من الجوع. وقال برنامج الأغذية العالمي، إنه في الشمال، حيث لم تتمكن المساعدات من الدخول، "من المتوقع أن تواجه الأسر وضعاً كارثياً".