دخلت الحرب الصّهيونية الوحشية على قطاع غزة، أمس، يومها المائة على التوالي، وسط مجازر بشعة يواصل الاحتلال ارتكابها بحق المدنيين العزل، بينما ما زالت المقاومة قادرة على الاشتباك والمواجهة في شتى مناطق القطاع، رغم الدمار الهائل الذي أحدثته آلة القتل الصهيونية، ما يجعل من أهداف الاحتلال المعلنة بالقضاء عليها بعيدة المنال، وغير قابلة للتطبيق. على وقع الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، دخلت حرب الإبادة الصهيونية على قطاع غزة، أمس الأحد، يومها المائة، وسط أزمة إنسانية خطيرة، فيما حذّرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من جسامة الدمار والموت. وقال رئيس الوكالة "فيليب لازاريني"، إن "جسامة الموت والدمار والتهجير والجوع والخسارة والحزن في الأيام المائة الماضية تلطخ إنسانيتنا المشتركة"، كما أكّد أنّ جيلا كاملا من أطفال غزة يعاني من صدمة نفسية، والأمراض مستمرة في الانتشار، والمجاعة تلوح في الأفق، فيما تحولت أغلب مناطق غزة إلى بؤر رمادية يعلوها ركام الأبنية المنهارة، فقد أدت الغارات الصهيونية إلى دمار ثلثي الأبنية والبيوت في غزة بشكل تام أم جزئي، وفق تقديرات فلسطينية أولية. ونزح أكثر من 80 % من سكان القطاع إلى الجنوب، حيث تكدّسوا في مخيمات غير مؤهلة، أو حتى في الحدائق والطرقات والشوارع، إذ تشير تقديرات الأممالمتحدة إلى أنّ 1.9 مليون شخص أو نحو 85 % من السكان، اضطروا إلى مغادرة منازلهم. ولجأ كثيرون إلى رفح أو إلى مناطق أخرى في جنوب هذه المنطقة الصغيرة، بينما كرّرت وزارة الصحة المحلية أنها لا تملك بنية تحتية لاستيعابهم. أما المستشفيات في غزة فتوقف العديد منها عن العمل، وذكرت منظمة الصحة العالمية أن أقل من نصف المستشفيات في القطاع تعمل جزئيا فقط. المذبحة مستمرّة بالتزامن مع الأزمة الإنسانية الكبيرة، يتواصل التقييد الصهيوني لدخول المساعدات إلى غزة، عبر معبر رفح، على الرغم من كافة المناشدات الأممية، كما تتزايد المخاوف من اشتعال المنطقة برمتها وتوسع الصراع، لاسيما بعد الضربات الأمريكية البريطانية المشتركة ضد اليمن، واستمرار التوتر على الحدود مع لبنان. ورغم الدعوات المتعالية دوليا لوقف العدوان، وتحريك محكمة العدل الدولية لوقف الإبادة، إلا أن سلطات الكيان الصهيوني تتمسك بمواصلة العدوان، فقد شدد رئيس وزرائها على أن أحداً لن يوقف بلاده "لا لاهاي ولا أي شخص آخر". ومع إصرارها على مواصلة مذابحها، كثّفت قوات الاحتلال الصهيوني حملات القصف الجوي والبري والبحري الذي لا يكاد يهدأ على مختلف مناطق القطاع، مع التركيز على وسط القطاع وجنوبه، وخاصة مدينة خانيونس. وشهدت مناطق عدة في قطاع غزة مجازر بشعة نفذتها طائرات الاحتلال ومدفعيته، على رؤوس سكانها من الأطفال والنساء، ما تسبب في ارتفاع حصيلة الشهداء والجرحى، لتقترب من 24 ألف شهيد على الأقل، في حصيلة مرشحة للارتفاع، بفعل استمرار العدوان، وحجم الإصابات الهائل، وسط غياب مقومات الرعاية الصحية اللازمة لآلاف الجرحى المهددين بالموت. واستهدفت طائرات ومدفعية الاحتلال، مدينة دير البلح وبلدة الزوايدة ومخيم المغازي وسط قطاع غزة، بالتزامن مع قصف متواصل على شرق خانيونس. المقاومة صامدة ورغم مرور مائة يوم على إطلاق العنان لآلة القتل الصهيونية، وإعلان مجلس الحرب الصهيوني أهدافه الرئيسية، وهي القضاء على المقاومة، واستعادة الأسرى المحتجزين في القطاع، إلا أن هذه الأهداف أصبحت صعبة المنال، وغير قابلة للتحقيق، فالمقاومة ما زالت رقما صعبا، وتواصل عملياتها في كل مناطق قطاع غزة، وما زالت تحتفظ بالأسرى الصهاينة لديها، رغم حجم القوة الهائلة التي استخدمتها قوات الاحتلال، أملا في كسر المقاومة والنيل منها. وقد تمكّنت المقاومة الفلسطينية، أمس، من توجيه ضربات موجعة لقوات الاحتلال مؤكدة قتل عساكر وتدمير آليات. وخلال الساعات القليلة الماضية، بثّت كتائب القسام تسجيلا لآخر عملياتها في منطقة خانيونس جنوب قطاع غزة، حيث تمكّن مقاتلوها من تدمير عدد من دبابات وناقلات الاحتلال العسكرية، والإجهاز على قوات راجلة متحصنة في عدد من المنازل، بالتزامن مع خوض مقاتلي المقاومة اشتباكات واسعة وضارية في شتى محاور التوغل من شمال القطاع حتى جنوبه. هذا، وتتواتر التقارير عن خلافات متصاعدة داخل مجلس الحرب والحكومة في الكيان الصهيوني، بينما يتزايد ضغط الشارع على بنيامين نتنياهو لإبرام صفقة تبادل للأسرى وكذلك الاستقالة من منصبه. "الأونروا": الحرب تلطّخ إنسانيتنا واعتبرت "الأونروا" أن الحرب في غزة "تلطّخ إنسانيتنا المشتركة" بمرور مائة يوم على العدوان، وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، في بيان: "إنّ جسامة الموت، والدمار، والتهجير، والجوع، والخسارة، والحزن في الأيام 100 الماضية يلطّخ إنسانيتنا المشتركة". ولم يفلح مجلس الأمن في اعتماد قرار بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي يشهد عدوانا صهيونيا طاحنا تسبب في استشهاد نحو 24 ألف، وجرح أزيد من 60 ألف من أهالي القطاع، نصفهم تقريبا من النساء والأطفال. وأدّى القصف الصهيوني إلى سقوط المئات من الطواقم الطبية والصحفيين والعاملين في المؤسسات الإنسانية والدولية، وحذّرت العديد من المنظمات والهيئات الدولية من استمرار الأوضاع الحالية في قطاع غزة، واصفة ما يحدث بأنه "حرب إبادة جماعية".