يرتقب أن تشهد الجزائر، في السنوات القادمة، إنتاج مٌركّز البرتقال من قبل النشاطين في الصناعة التحويلية، وهذا لاستغلال الوفرة في إنتاج البرتقال التي قد تستمر خاصة مع دخول مستثمرات فلاحية جديدة حيّز الإنتاج. شهدت السنة الحالية إنتاجا وفيرا في شعبة الحمضيات ما أدّى إلى انخفاض أسعارها بشكل كبير لدرجة أنّ سعر الكيلوغرام من صنف " الكليومنتين" نزل إلى 40 دينار في أسواق الجملة، ورغم ذلك فقد واجه الفلاحون مشاكل في تسويق منتوجاتهم لدرجة أنّ نسبة منها تعرّضت للتلف. يعتبر المستثمر رياض عمور من الناشطين في مجال الصناعة الغذائية والتحويلية بولاية البليدة، لذا اقتربنا منه وسألناه بخصوص عدم استغلال فائض البرتقال في مجال تخصّصه فردّ قائلا :« لا يمكن أن نتوقّع حجم الإنتاج في أيّ مجال فلاحي، ولا نستطيع أن نتوقّع بأنّ العام المقبل سيكون الإنتاج وفيرا، ونحن كمحوّلين نمتص أكبر قدر ممكن من المنتوج، لكن إذا استمرت الوفرة في الإنتاج في السنوات القادمة، علينا أن نفكّر بطريقة جماعية نحن مؤسّسات التحويل والسلطات العمومية والفلاحين، لنجد الطرق الملائمة لتصريف الفائض إمّا بالتخزين أو نجد طريقة لتسويقه أيّ تصديره، وبمجرد أن نلاحظ أو نتوقّع أنّه سيكون فائض لابد أن نفكر في إيجاد حلّ له". وتابع المتحدّث: " في الجزائر لا ننتج مركّز البرتقال بل نصنع فقط لبّ البرتقال لأنّنا في الماضي لم يكن لنا إنتاج كاف لإنتاج المركّز الذي يستدعي 10 كيلوغراما لإنتاج كيلوغرام وحيد مٌركّز، وأعتقد أنّ أكثر من 95 بالمائة من المركز المستعمل في الصناعة التحويلية نستورده من الخارج، وفي السنوات القادمة نستطيع الاستثمار في إنتاجه في الجزائر إذا ما استمر الفائض في الإنتاج". وفي وقت سابق، ربط مدير المصالح الفلاحية لولاية البليدة، كمال فضالة، تحسّن إنتاج الحمضيات لهذه السنة بتحسّن الظروف المناخية بتساقط الأمطار في فصل الخريف من جهة (عكس السنة الماضية التي تراجع الإنتاج بنسبة 40 بالمائة بفعل هبوب الرياح)، وبدخول مستثمرات فتية حيز الإنتاج من جهة أخرى، أيّ الأشجار المغروسة خلال السنوات القليلة الماضية. يُذكر أنّ ولاية البليدة تموّن الأسواق الوطنية بنسبة 40 بالمائة من إنتاج الحمضيات بكلّ أنواعها، وخلال السنة الحالية بلغ الإنتاج في ولاية البليدة أربعة ملايين قنطار. رسكلة بقايا الخضروات والفواكه في سياق منفصل، أوضح عمور بأنّ مجمّعه الاقتصادي يُنسّق مع مختصين ينجزون أبحاثا في مجال رسكلة النفايات العضوية لأجل استغلال البقايا الصناعية التي يٌخلّفها نشاطه التحويلي، لافتا إلى أنّ هذا التنسيق يقضي توفير التسهيلات للباحثين الذين يأتون إلى المصنع للقيام بالعمل الميداني، وهو فرصة حقيقية بالنسبة لمؤسّسته لتحقّق أرباحا من تثمين النفايات. وفي هذا الصدد، صرح عمور: المؤسّسات التي تشتغل في تحويل الخضروات والفواكه تٌخلّف نفايات يمكن استغلالها كمواد إضافية أو أسمدة، ونحن في مؤسّسة عمور يأتي إلينا فلاحون لأخذ هذه المٌخلّفات ويقدّمونها كأعلاف للحيوانات، لكن نفكر في تثمينها مثل تجفيفها وبيعها لتكون مشروعا بالنسبة للشباب الراغبين في فتح مؤسّسات صغيرة، ويمكن على هذا النحو أن نتسبب في فتح مناصب عمل كثيرة في هذا المجال." على هامش ملتقى حول قانون المالية لسنة 2024 نظمته الغرفة الفلاحية لولاية البليدة، دعا عمور المؤسّسات الاقتصادية لاستغلال المزايا التي تضمّنها هذا القانون فيما يخصّ تحسين مناخ الأعمال، لافتا بأنّ النصوص المتعلّقة بتحسين المستوى المعيشي للمواطن ستعطي ديناميكية بالنسبة للإنتاج الوطني ممّا يفتح مناصب شغل جديدة. كما دعا عمور المؤسّسات لتهتم أكثر بالانخراط في بورصة الجزائر باعتبارها مصدر تمويل مهم، مشيرا إلى أنّ الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار ستجد حلولا عاجلة لمشاكل العقار الصناعي، معتبرا بأنّ تحسين النظام البيئي الذي جاء به قانون المالية الجديد يفرض على المؤسّسات أن تستغلّ الفرص المتاحة لبناء اقتصاد قويّ للولوج إلى الأسواق الأجنبية بكلّ قوّة.