شهادات متصاعدة من المعتقلين عن جرائم التعذيب والتنكيل من بين العشرات من الشّهادات التي وثّقتها المؤسّسات نستعرض إحدى الشهادات التي وثّقتها خلال اجتياح طولكرم لمسعف متطوّع في الهلال الأحمر الفلسطينيّ تعرّض للاعتقال والتحقيق وعمليات تنكيل.. شهادته: "اتّخذنا أنا ومجموعة من المسعفين المتطوّعين مع الهلال الأحمر نقطة إسعاف داخل منزل في المخيم في حارة الحمام، نعالج فيها الإصابات، بعد التنسيق مع مكتب الارتباط المدني وإرسال موقعنا عبر تطبيق تحديد الموقع. في ساعات العصر من ذات يوم الاقتحام سمعنا صوت طرق عنيف للباب وقام أحد المسعفين بفتحه، مباشرة اقتحم حوالي 15 جنديا المنزل، بعضهم مقنّع بلباس جيش أخضر وكان غالبيتهم يتكلّمون اللّغة العربية بشكل سليم، كنّا جميعنا داخل المنزل مسعفي عدد سبعة (5 رجال وسيدتين) وجميعنا يلبس الملابس الخاصة بالعمل "فيست الهلال الأحمر"، مباشرة قاموا بتقييد جميع المسعفين الرجال من بينهم أنا (عددنا 5) بمرابط بلاستيكية للأمام ووضعوا الغمام على أعيننا. «بعدها، اقتادونا مشياً على الأقدام إلى منزل قريب في ذات الحارة استخدموه كنقطة احتجاز وتحقيق ميداني لهم، كان يوجد داخل المنزل حوالي 10 أشخاص من المخيم جميعهم رجال مقيّدون ومغمغمون، شاهدتهم حيث كنت أستطيع الرؤية قليلاً من تحت الغمام عندما أرفع رأسي، أمرنا الجنود بالجلوس على الركب بجانبهم في صالة المنزل. أبقونا داخل المنزل حوالي 5 ساعات، دون ماء، فقط سمحوا باستخدام الحمام ولم يتكلّم معنا أحد منهم خلالها، بعدها اقتادونا جميعنا (كنا حوالي 15 شخصاً) بواسطة آلية عسكرية إلى منشأة، وهي عبارة عن مبنى مثل مخزن مساحته كبيرة، استخدموه كنقطة احتجاز وتحقيق ميداني، أثناء النقل، هجم الجنود علينا وبدأوا بضربنا بواسطة البواريد والأيادي وركلات بالبساطير، أحد الجنود قام بضربي بقاع السلاح على رقبتي وشعرت بألم شديد. شاهدت مئات المعتقلين من مخيم طولكرم.. كانوا مقيّدين ومغمغمين وجميعهم رجال، حقّقوا مع غالبية الشباب داخل مكاتب في المنشأة في الطابق الثاني (حيث كانوا يجمعون المعتقلين جميعهم في الطابق الأول واستخدموا الطابق الثاني كمكاتب تحقيق) "كنّا نتعرض للضرب والشتم من قبل الجنود " كلّما واحد تحرّك أو تنفّس أو طلب إشي يضربونه شلاليط وبوكسات". بقينا داخل المنشأة وفي اليوم التالي حوالي الساعة 11 ليلاً، اقتادوني أنا وحوالي 10 شباب بواسطة آلية عسكرية إلى معسكر الطيبة. عندما دخلنا معسكر الطيبة، شاهدت من تحت الغمام مجموعة شباب من مخيم طولكرم، يضعونهم على الأرض شبه عراة إلا من ملابسهم الداخلية، كانوا يتعرّضون لضرب مبرح من قبل جنود الاحتلال وأصوات صراخهم عالية. أبقونا في ساحة المعبر في الخارج على الأرض، وكانت مليئة بمياه المطر، كان الجوّ باردا جدّا خاصة مع ساعات الليل المتأخرة وعانينا كثيرا من البرد. أبقوني حوالي ساعتين، وفي حوالي الساعة الواحدة ليلاً، بعد منتصف الليل، اقتادوني إلى التحقيق داخل مبنى في المعسكر". «استمر التحقيق حوالي 3 ساعات، في التحقيق فكّوا الغمام والقيود، التحقيق كان حول عملي كمسعف وممرض، واتّهموني بأنّي أساعد مطلوبين ومقاومين وهدّدوني بعملي كمسعف، حيث قال لي: "إذا بشوفك حامل إبرة بايدك في المخيم بقطعلك إياها"، بعد انتهاء التحقيق كانت الساعة حوالي 4:00 فجرا، مباشرة أفرجوا عني على حاجز الطيبة، مشيت على قدمي حوالي كيلو ونصف، حتى وصلت أقرب طريق قرب فرعون". ونذكر أنّ العالم شهد في تاريخ 27 جانفي قرارًا تاريخيًا لمحكمة العدل الدولية في قضية جنوب إفريقيا ضدّ الكيان الصهيوني، والقاضي بفرض تدابير مؤقّتة على دولة الاحتلال لمنعها من اقتراف جرائم إبادة جماعية، حيث رأت المحكمة أنّ هناك أساسًا معقولا للاعتقاد بأنّ الكيان الصهيوني يرتكب إبادة جماعية في غزّة. نجدّد مطالبنا كمؤسّسات حقوقية للمنظومة الحقوقية الدولية، بضرورة استعادة دورها اللاّزم في وقف العدوان والإبادة الجماعية المستمرة في غزّة، ووضع حدّ للجرائم غير المسبوقة التي تواصل منظومة الاحتلال الصهيوني بممارستها وعلى كافّة المستويات. الجزء الثاني