تسجّل العائلات بولاية عين الدفلى، خلال النصف الثاني من شهر شعبان، تحرّكا يخالف الشهور السابقة لما له من خصوصية ومشاعر نفسية أكثر من تعبدية وتحسيسية لما لهذه الأيام من وقع خاص ومتميز تشدّ به انتباه الأطفال وباقي أفراد العائلة. ومن جانب آخر تتجه ربات البيوت على وجه الخصوص نحو أشغال تدخل في نطاق التحضير لشهر رمضان من الناحية المادية ونظافة المحيط. تكتسي أهمية شهر شعبان بين العائلات بعين الدفلى طابعا خاصا كونه يعدّ بوّابة استقبال الضيف الكريم رمضان شهر القرآن والذكر الحكيم لذا كان النصف من شعبان محطة يلاحظ فيها تغيرات بدأت تطرأ على يوميات السكان خلافا للأيام المنصرمة. وحسب الحاجة فاطمة التي وجدناها بشارع "البراريك" رفقة كنتها وابنتها شهرزاد منشغلة بالبحث عن الأواني المنزلية، حسب ما علمناه منها فإنّ شهر شعبان تحضير لرمضان نصوم فيه أيام البيض 13و14و15 تقرّبا لله تعالى وترفع فيه أعمالنا حسب ما سمعناه من خطبة الجمعة المنصرمة تقول الحاجة فطيمة التي أقرت لنا أنّها حريصة على صومها. كما أكّدت لنا شهرزاد أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم حبذ صوم هذه الأيام والمسلم الكريم يتمنى أن ترفع أعماله الخاصة بالسنة وهو صائم تقول محدّثتنا أمام ذات المتجر. من جانب آخر، تستغل العائلات الدفلاوية على غرار الأسر الجزائرية هذه الأيام من شعبان لتحضير الأطفال نفسيا وروحيا لأهمية الصوم وتشويقهم بحلوله والأحداث التي يتميز بها عن بقية الشهور وهي عملية تحسيسية تقول أم خالد من منطقة "سوايك" بعين الدفلى، والتي كانت تصاحب زوجها محمد في رحلة البحث عن صحن جديد يحمل رسومات تقدّمه لابنها خالد والذي ينتظر قدوم رمضان بفارغ الصبر لصوم أياما منه كبداية في رحاب العبادة التي سمعها من شيخ المدرسة القرآنية التي حفظ فيها سور وآيات من الذكر الحكيم. وبنظر أبيه محمد فإنّ شروع ابنه في الصيام فرحة ينتظرها بشوق وشغف أن تتجسّد خلال الشهر العظيم، لذا نحرص على تذكيره ببعض الشخصيات والنماذج التي أعطتنا صورا رائعة في الإقبال على الصيام تعبّدا أو تطوّعا يقول محدّثنا الذي شدّد على ظاهرة نظافة الجسم والطهارة التي تعدّ الأساس على حدّ قول "الطهر شطر الإيمان". هذه المشاهد السلوكية والأخلاقية تتزامن مع تحركات اجتماعية يطغى عليها الجانب المادي في الأساس، حيث يتم تكثيف الخرجات العائلية للتسوّق بين المحلات والمتجر وبائع الخردوات. فالبحث منصبّ هذه الأيام تقول عائشة من "مخاطرية" رفقة العالية وابنتها شيماء من حي المستقبل ببلدية العامرة على شراء الأواني المنزلية بالرغم من وجودها من رمضان المنصرم، لكن بنة رمضان وحلاوته تتمثل في الإفطار على مائدة تزيّنها الأواني الجديدة رغم ظاهرة الغلاء في أسعارها التي مازالت تصنع الحدث داخل العائلات خاصة تلك التي لديها كنة جديدة، حيث تحبذ العجوز أن تقدّم لها أواني وصحون تليق بمقامها كونها فرد جديد في العائلة، والحريرة التي تتفنّن في إعدادها نساء "بني بوكني" بالعامرة على حد قول العجوز خالتي الحاجة خيرة التي التقينا بها أمام المحطة المهترئة للنقل بين البلديات. أما في سياق تزيين المحيط سواء بداخل البيوت أو خارجها بالأحياء والمداشر والقرى، فإنّ النشاط اليومي للنسوة وخاصة العجوز والكناين يتجه نحو نظافة المطبخ وإعادة ترتيب أوانه ضمن مسحة جمالية تختلف عن منظر العام المنصرم، فوضع غطاء المائدة باللون الذي ينسجم مع الطاولة ومنظر غرفة الفطور، تعكف الكنة على اختياره تشير محدّثتنا السيدة مريم من حي سوفاي بخميس مليانة، والتي وجدناها محملة بما يسمى "توال سيري"، معتبرة أنّ "نكهة رمضان تدفعنا لاقتناء كلّ ما هو جديد وفي حدود الإمكانات والمصاريف التي ندّخرها لهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا وأفراد عائلتنا وكلّ الشعب الجزائري" تقول السيدة مريم التي تفضّل شراء حجاب جديد لأداء صلاة التراويح رفقة جيرانها بذات الحي العريق بالخميس. هذه المظاهر وإن كانت في معظمها مشتركة ومتشابهة بين العائلات الدفلاوية من المواقع الحضرية والريفية إلا أنّ المستوى المعيشي والقدرة المادية تختلف نسبيا من منطقة إلى أخرى، يقول الحاج قويدر رفقة زوجته من بلدية جليدة.