يشهد قطاع الصحة في المغرب على غرار قطاعات التعليم والعدالة وقطاعات أخرى، غليانا واحتقانا بسبب لا مبالاة الحكومة بالمطالب الاجتماعية والمالية للعمال والموظفين، والإخلاف بوعود الحوارات الثنائية والثلاثية التي عقدت بغرض حلحلة المشاكل العالقة، لكنها بقيت حبرا على ورق. تشنّ النقابة المستقلة للممرضين في المغرب إضرابا وطنيا يومي 6 و7 مارس بكل المرافق الصحية باستثناء أقسام المستعجلات والإنعاش والعناية المركزة، تنديدا واستنكارا لاستمرارا تماطل الحكومة والوزارة والهيئات الوصية. وأوضحت نقابة الممرضين في بيان أنها ستقابل هذا الوضع المفتعل برد فعل حازم ومستمر في الزمان والمكان، لأن حقوق الممرضين وتقنيي الصحة ليست للمساومة ولن تسمح بأن يطالها المزيد من التجاهل أو النسيان أو التهريب. فقدان ثقة وأكدت النقابة المستقلة للممرضين أن الواقع الهش الذي تعيشه هذه الفئة سيلقي بظلاله على كل المشاريع المستقبلية وعلى جو الثقة بين الوزارة والفرقاء الاجتماعيين، ليبقى المسؤول الأول والأخير هو الوزارة والحكومة المنتجة لواقع شاذ وبعيد كل البعد عن مبادئ تدبير الشأن العام. وسجلت النقابة الصحية تخلف الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها ووعودها بالاستجابة لمطالب الشغيلة والتي بسطتها النقابات خلال جلسات الحوار ونهجها سياسة التسويف والتماطل. وخلص البيان إلى تجديد الدعوة لرئيس الحكومة من أجل الحسم النهائي في الحوار الاجتماعي، ملوحا بمزيد من الخطوات التصعيدية. يذكر أن المستشفيات العمومية بالمغرب خاضت نهاية الأسبوع الماضي إضرابا خلف شللا شبه تام بالمرافق الصحية، احتجاجا على عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها. نقابات التعليم ساخطة من جهتها جددت تنسيقيات الأساتذة احتجاجاتها التي طالبت فيها بإرجاع كل الأساتذة الموقوفين عن العمل دون قيد أو شرط والاستجابة لمطالب مختلف الفئات، في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة المخزنية امتصاص تدمر وغضب الشغيلة التعليمية عبر تبريرات وهمية ووعود كاذبة. ونظم التنسيق الوطني للتعليم الذي يضم 22 تنسيقية فئوية، سلسلة احتجاجات ووقفات خلا أسبوع كامل، شهد رفع الشارة الحمراء ووقفات احتجاجية جزئية، حيث اختار الأساتذة خوض احتجاجاتهم خارج أوقات العمل. وحضر الأساتذة من مختلف الجهات، استجابة لدعوات التنسيقيات، للتعبير عن تضامنهم مع زملائهم الموقوفين وللتأكيد على مواصلتهم التشبث بمطالبهم العامة والفئوية. التصعيد ضد القرارات التعسفية واستنكر المحتجون ما اعتبروه قرارات تعسفية وظالمة في حق المئات من الأساتذة، بسبب الاحتجاج والإضراب المشروعين، منددين بكل أشكال التضييق الممارسة على هيئة التدريس وأطر الدعم من أجل ثنيهم عن النضال لتحقيق مطالبهم. وقال الأساتذة أن العودة للأقسام لم تكن خوفا وإنما لترتيب الأوراق، ملوحين بتصعيد جديد في حال استمرار الحكومة ووزارة التربية الوطنية في صم آذانها وعدم الوفاء بالتزاماتها والاستجابة للمطالب. ورفع الأساتذة المحتجون لافتات تطالب بتسوية مطالب الفئات التعليمية، تستعرض بعضا من هذه المطالب، إلى جانب الصدح بشعارات تنتقد الحكومة والوزارة الوصية، مطالبين بانكباب الوزارة على الملفات المعروضة عليها ومعالجتها معالجة فعالة. ويطالب الأساتذة إلى جانب هيئات نقابية وسياسية وحقوقية بإرجاع كل الموقوفين ووضع حدّ لحالة الاحتقان التي يشهدها القطاع منذ أشهر، من أجل بث الروح الإيجابية وحشد كل مكونات المنظومة التعليمية للمساهمة في الإصلاح، خاصة وأن التلاميذ أول المتضررين من توقيف أساتذتهم. الحكومة تعزز الإفلات من العقاب وكانت النقابات التربوية في المغرب قد جددت تأكيدها على ضرورة تحسين الأوضاع المادية والاجتماعية والمهنية للشغيلة التعليمية ومعالجة مختلف الملفات العالقة لرفع الغبن عن كل الفئات، منددة بالمحاكمات والمتابعات القضائية ضد الأساتذة على خلفية نضالاتهم، داعية إلى إسقاط جميع المتابعات وتغليب منطق الحكمة بدل المقاربة القمعية. يشار إلى أن المملكة متمعنة في مواصلة سياسة الأذان الصماء حيال المطالب الحقوقية والسياسية والنقابية المتعلقة بمحاربة الفساد، حيث قوبلت دعوة ربط المسؤولية بالمحاسبة والضرب بيد من حديد على أيدي المفسدين والقطع مع سياسة الإفلات من العقاب، بلا مبالاة الحكومة والتنصل من التزاماتها.