تتنوع عادات الجزائريين في شهر رمضان، خاصة فيما يتعلق بموائد الطعام والإفطار، خصوصاً أن المطبخ الجزائري ثري ويختلف من منطقة إلى أخرى. أصبح طبق "زينة المائدة" في رمضان، الذي أخذ اسمه من كلمة "شْباحْ" أو "شْبَاحْ السفرة"، أي زينة مائدة الطعام باللهجة الجزائرية، من الأهم في شهر رمضان، وتعده النساء خاصة في ولايات سكيكدة وقسنطينة وميلة وجيجل وسطيف، باستخدام مكونات بسيطة وبأشكال مختلفة. "نجوم" مائدة الإفطار يعتبر طبق "شباح السفرة" أحد الأكثر غنى على صعيد المحتويات الغذائية، ويتمّز بأنه يشعر الصائمين بشبع، ويأتي بعد الشوربة على صعيد الأهمية والمكانة، كما تقول إيناس والتي تشرح أن "الطبق يعد عبر تشكيل خلطة من مكونات اللوز والقليل من السكر الأبيض الممزوج بالبيض والزيت كي يصبح عجينة متماسكة يجرى تشكيلها بحسب الأذواق على هيئة هلال أو وردة أو قلب، ثم تقلى بالزيت". وتضيف: "بعد الانتهاء من إعداد هذه المكونات، يُجهّز مرق طبق شباح السفرة من خلال وضع قطع من اللحم والبصل مع عود قرنفل وقليل من الزبدة، وسكب الماء والزعفران على هذا المزيج الموضوع داخل قدر، وذلك قبل طهيه حتى ينضج على نار هادئة مع إضافة قليل من السكر إليه. وباكتمال غلي المرق، تضاف حبات العجينة التي جهّزت سابقاً إلى الخليط". أيضاً لا يغيب طبق "السفيرية" عن الموائد الرمضانية في الجزائر، وهو من الأطباق التقليدية والأكلات الشعبية في البلاد، الذي ما زالت كثير من العائلات الجزائرية تحافظ على قيمته رغم أن الأطباق العصرية غزت الموائد الجزائرية. وتضع هذه العائلات "السفيرية" في مصاف الأطباق الشهية التي تقدم خلال رمضان. ويُحضّر الطبق عبر تقطيع اللحم إلى شرائح صغيرة ومزجه ببصل مفروم وفلفل أسود مع إضافة قليل من الماء. ويطهى مدة ربع ساعة على نار هادئة، ثم يوضع خبر مبلل بالماء في إناء، وتُضاف له بيضة تلو أخرى، ثم الجبن المبشور والملح والفلفل الأسود والقرفة، ويُمزج جيداً. ومن خلال هذا الخليط، تصنع كرات بحجم حبة الجوز الصغيرة يجرى تحميرها في زيت ساخن جداً، وبعد ذلك، توضع الكرات في صحن محاطة بقطع اللحم والحمص مع قليل من المرق. "بنّة المايدة" أيضاً يعتبر وجود طبق "البوراك" في مائدة الطعام الجزائرية علامة بارزة لاستقبال شهر رمضان، وهو يحضر على موائد الإفطار طوال أيام الشهر الفضيل، ثم يغيب جزئياً عن نقاط البيع بعدها. وصار غالباً عادة خاصة بشهر رمضان، ويُطلق عليه البعض اسم "بنة المائدة". ويوضّح عصام، وهو طالب جامعي، أنه لا يمكن تناول إفطار يخلو من تمر و«بوراك"، الذي تعدّه النساء في عجينة تجعلها على شكل أوراق خفيفة جداً تحشى بخليط يتضمن اللّحم والتونة والجبن وقليل من البصل والتوابل، وغيرها من الأطعمة التي تعطيه نكهة خاصة، علماً أن الأذواق مختلفة جداً في تحضير هذا الطبق وتناوله. ويؤكّد عصام علاقة الجزائريين الوطيدة ب "البوراك"، الذي يعتبر من أهم الأصناف التي تقدم في الإفطار، ويمكن أن يحل بدلاً من الخبز أثناء تناول "الشربة". واعتادت الأسر الجزائرية إعداد طبق "اللحم الحلو" أو "طاجين الحلو" الذي يزين موائد رمضان، ويعتبر رمزاً للتفاؤل وانتظار الفرحة طوال أيام الشهر، كما تقول سليمة، وتشرح أنّ "النساء يتفنّن في طهي هذا الطبق الذي يعتبر فأل الخير بالنسبة إليهم، ويحتوي على تفاح وبرقوق ومشمش وإجاص وقطع لحم صغير، وهو يختلف بطعمه عن باقي الأكلات الرمضانية، إذ يتضمن القرفة ويجرى تزيينه بجلجلان ومكسرات". "الزلابية" و«قلب اللوز" منافسة قويّة في رمضان، يتنافس نوعان من الحلويات على الوجود على موائد الإفطار والسهرات، هما "الزلابية" و«قلب اللوز"، وتتربع "الزلابية" على عرش الحلويات الرمضانية منذ عقود طويلة، في حين لا تعرض كثيراً للبيع في الأيام العادية. وفي الشهر الفضيل، تتحوّل بعض المحال إلى صناعة وبيع "الزلابية" بشكل مؤقت، علماً أن قصة شهرتها في الجزائر ليست وليدة اليوم وترتبط باسم مدينة بوفاريك الصغيرة التي تقع على تخوم العاصمة، لدرجة أن الجميع يطلب زلابية بوفاريك لأنها لذيذة وتخصّصت عائلة تقطن المدينة بصناعتها. واستهلاك "الزلابية" في رمضان عادة لا يمكن التخلي عنها، علماً أن مكوناتها تضم الفرينة القمح والزيت والماء والسكر، أما زلابية بوفاريك، فتحضّر حصراً من القمح الصلب، وتضاف إليها نكهات وملونات، وتتعدّد أشكالها من حجم كبير ومستطيل ودائري، كما تتنوع أذواقها وطريقة تحضيرها. وإضافة إلى "الزلابية"، يعتبر "قلب اللوز" من الحلويات المفضلة لدى الجزائريين على مدار السنة، لكن أسهمه ترتفع في شهر رمضان، ويسمى ب "سلطان مائدة سهرات رمضان في الجزائر."