تستعد هذه الأيام ولاية النعامة لتنظيم ملتقا وطنيا حول المؤهّلات الفلاحية وتطوير السلالة الحيوانية المحلية على غرار سلالة " الدغمة "، بهدف الترويج لمقوّمات ومؤهّلات الولاية في المجال الفلاحي في ظلّ الإمكانات والموارد التي تزخر بها، والثروة الحيوانية التي تتميز بها، وهي عوامل جذب من شأنها استقطاب مشاريع استثمارية، وتوفير عديد مناصب الشغل، وتساهم في دعم الأمن الغذائي وتعزيز التنمية الاقتصادية محليا ووطنيا. تعدّ ولاية النعامة منطقة رعوية تعتمد في اقتصادها على الفلاحة وتربية الماشية، فهي تتوفر على ثروة كبيرة من المواشي، حيث قدّر عدد الأغنام بها إلى أكثر من مليون و700 ألف رأس من الأغنام إلى جانب 1800 رأس من الجمال وهي تتمركز بجنوب الولاية، وبمساحة زراعية تقدر ب 2203460 هكتار، فيما بلغت المساحة الرعوية ب 2175117 هكتار، هذه الثروة الهائلة من رؤوس المواشي يتكفّل بها حوالي 6700 موال بالولاية الذين يمتهنون هذا النشاط الرعوي بطرق تقليدية، وعدد الفلاحين ب 6457 فلاح. الدغمة سلالة نادرة تقاوم الانقراض ومن بين أهم الثروات الحيوانية التي تشتهر بها النعامة هي سلالة الدغمة المهدّدة بالانقراض رغم وجود محطة جهوية لتحسين السلالات بمنطقة بلحنجير بالعين الصفراء، والتي من شأنها تطوير وإنقاذ هذه السلالة من الانقراض، إلا أنّها أصبحت اليوم مهدّدة، وهو ما يحاول مسؤولو الولاية إيجاد حلول لردّ الإعتبار إليها وحمايتها من الانقراض والزوال من خلال هذا الملتقى الوطني المزمع تنظيمه بالولاية أواخر هذا الشهر أو بداية الشهر القادم. سلالة " الدغمة " أو الحمراء التي تشتهر بها مناطق الجنوب الغربي الجزائري على غرار ولايتي النعامة والبيض، سلالة نادرة من الأغنام، تعدّ من أفضل سلالات الغنم في العالم وموطنها الأصلي الجزائر، عرفت في القرن ال 19 " تهريبا" من طرف الاحتلال الفرنسي ( 1830 - 1962 ) من الجزائر نحو فرنسا خاصة في السنوات الأولى لاحتلالها الجزائر، غير أنّها لا تزال تقاوم الوجود منذ أكثر من 4 عقود، فحسب بعض الأبحاث والدراسات التاريخية أنّ الاحتلال الفرنسي دشّن خطا للسكك الحديدية خصيصاً لتهريب " الدغمة "، من مناطق الجنوب الغربي إلى غاية منطقة المحمدية في الجزائر العاصمة، حيث تم تهريب أكثر من 2 مليون رأس غنم من سلالة الدغمة" تم نهبها من طرف جنود الاحتلال. السلالة الحمراء، أو" الدغمة " يصفها موّالو المنطقة ب " السلالة الاقتصادية "، أو "صديقة الموّال" باعتبار أنّ تربيتها غير مكلّفة وتكتفي بالمرعى فقط، عكس الأنواع الأخرى من الأغنام التي تتطلب كميات كبيرة من الأعلاف، كما أنّها سلالة ولاّدة حسب المختصين في الطب البيطري؛ إذ أنّها تنجب بين خروفين إلى 4 خراف كلّ 14 شهرا، خصوصاً إذا كانت في بيئتها الأصلية. ويسعى المركز الجهوي للتلقيح الاصطناعي وتحسين السلالات بمنطقة بلحنجير بعين الصفراء ولاية النعامة لوضع برنامج لتحسين تكاثر سلالة الأغنام المحلية " الدغمة " والحفاظ على خصائصها الوراثية، حيث تقرّر إنشاء مشتلة خاصة ل " الفحول من سلالة الدغمة الحمراء "، وهدفها تكثيف البحث التطبيقي وبعث بنك الجينات لتكاثر هذا الصنف ذو الجودة العالية من الأغنام، وأشار المركز إلى أنّ هذه العمليات ستمكّن من تكوين قطيع نموذجي كبير نوعا ما من الفحول، سيشكّل منطلقاً لمباشرة تجارب واسعة النطاق مع عدد أكبر من موّالي الولاية والمناطق المجاورة لتكاثر هذه السلالة والمحافظة على نقاء نسلها. المحطة الجهوية لتحسين السلالات ببلحنجير بالعين الصفراء تم افتتاحها سنة 2006، الهدف منها نشر التقنيات الحديثة في وسط المربي بالمنطقة، حيث من شأن هذه التقنيات الرفع من المستوى الاقتصادي للمربي أولا وللاقتصاد الوطني ثانيا من بينها عملية التلقيح الاصطناعي، وعملية المزامنة الشفقية أو ما تعرف لدى المربي بالبونجة، وكذا نشر طرق تكاثر وإنتاج السلالات المحلية مثل سلالة الدغمة، ونشر وتحسيس المربي بأهمية هذه السلالات من الناحية البيئية ومن الناحية الاقتصادية. فهي محطة جهوية للتلقيح الاصطناعي وتحسين السلالة تتكفّل من سعيدة شمالا إلى ولاية أدرار جنوبا مرورا بالبيض، بشار، بني عباس وتيميمون، وهي المحطة الجهوية الوحيدة على المستوى الوطني تابعة إلى المركز الوطني للتلقيح الاصطناعي وتحسين السلالة المتواجد ببئر توتة بالجزائر العاصمة، والذي يشرف على 07 محطات فرعية منها محطة بسطيف، محطة بالطارف، محطة بسكرة، محطة وهران، محطة باباعلي، وقد كان محلّ معاينة من طرف وزير القطاع خلال شهر أوت الماضي، أين أمر بتفعيله من أجل ردّ الاعتبار لهذه السلالة المهدّدة بالانقراض. ويأمل مسؤولو النعامة من خلال الملتقى الوطني المزمع تنظيمه بالولاية إلى إشراك الخبراء في إيجاد سبل لردّ الاعتبار لهذه السلالة وحمايتها من الانقراض، وكذا الترويج لمقوّمات ومؤهّلات الولاية في المجال الفلاحي في ظلّ الإمكانات والموارد الطبيعية والثروة الحيوانية المعتبرة التي تتوفر عليها، وهو ما سيمسح بدعم النشاط الاقتصادي عبر استقطاب مشاريع استثمارية كبرى من شأنها توفير العديد من مناصب الشغل وتساهم في تحقيق الأمن الغذائي الوطني.