يُحيي الشعب الصحراوي اليوم الذكرى ال51 لاندلاع الكفاح المسلح ضد قوات الاحتلال المغربية. وتأتي هذه المناسبة، وسط تعاظم النجاح الدبلوماسي والمكاسب القانونية التي حققتها القضية الصحراوية التي فرضت ذاتها ضمن سلم أولويات المنابر الدولية، على غرار الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي وحركة عدم الانحياز وغيرها من المؤسسات الدولية. يوم 20 ماي 1973، لم يكن عاديا بالنسبة للشعب الصحراوي بل كان نقطة تحوّل في مسار حياته وقضيته حيث قرر حمل السلاح من أجل دحر المحتل الاسباني في بداية الأمر ثم الاحتلال المغربي الذي اجتاح الأراضي الصحراوية في 1975. وقد بدأ مسار الكفاح الصحراوي، عندما قررت مجموعة من المناضلين الهجوم على المركز الاسباني"الخنقة" شرق مدينة سمارة، وكان هذا الهجوم بمثابة تجسيد لقرارات اتخذت عشرة أيام من قبل، أي في 10 ماي خلال المؤتمر التأسيسي لجبهة البوليساريو التي أقرت في قانونها الأساسي أن "الحرية لا تنتزع إلا بالسلاح". وهكذا كان على جيش التحرير الشعبي الصحراوي اعتبارا من نهاية سنة 1975، مواجهة الاجتياح العسكري المغربي وعدوانه الغاشم الذي امتدّ إلى قصف النساء والاطفال والمسنين بقنابل النابالم والفوسفور المحرمين. وأمام هذه الجرائم الوحشية ضد الانسانية، قرر الجيش الصحراوي شن هجوم عام ضد قوات الاحتلال ليحقق بذلك انتصارات عسكرية وهذا رغم تواطؤ بعض الدول ووقوفها إلى جانب المغرب ودعمه بأفتك أنواع الذخيرة. وانطلاقا من سنة 1979 كثّف الجيش الصحراوي عملياته ووسّعها، وشنّ هجمات نوعية مكّنته من التوغل إلى القواعد العسكرية المغربية بجنوب المغرب وأسر مئات العساكر المغاربة. وأرغمت عزيمة القوات الصحراوية وفعالية هجوماتها المغرب على إقامة جدار للدفاع على طول 2.700 كلم معزز بأسلحة وخطوط مكهربة وملايين من الألغام المغروسة على طول جدار العار. لكن وضع هذا الجهاز، لم يخف قوات الجيش الصحراوي ولم يجعلها تتخلى عن الكفاح المسلح، بل على العكس تماما، حيث اشتدّت الضربات الصحراوية مكبّدة العدو خسائر فادحة. وتمكنت وحدات الجيش الصحراوي مدعومة بالعمل الدبلوماسي الناجح من إرغام النظام المغربي على قبول مخطط السلام الذي أقرّته الأممالمتحدة والذي تضمن وقف إطلاق النار وتنظيم استفتاء حول تقرير المصير في الصحراء الغربية. لكن رغم دخول وقف القتال حيّز التطبيق في السادس سبتمبر 1991، فإنّ المغرب لم يتوقّف عن إقامة الحواجز وتجاهل اللوائح الأممية التي تضمنت ضرورة تنظيم استفتاء تقرير المصير ضاربا بالشرعية الدولية عرض الحائط، بل لقد قرّر الاحتلال العودة إلى القتال وكان ذلك في 13 نوفمبر 2020. بعد الاعتداء على مدنيين صحراويين كانوا يتظاهرون سلميا بالثغرة غير الشرعية المقامة بالمنطقة العازلة بالكركرات، جنوب غرب الصحراء الغربية. اليوم، وهم يحتفلون بالذكرى ال51 لاندلاع الكفاح المسلح، يلتفّ الصحراويون حول جيشهم وجبهتهم " البوليساريو" وكلّهم عزم وإصرار على مواصلة الكفاح المسلّح والنضال السياسي من أجل استعادة أرضهم المحتلة وبناء دولتهم. متضامنون يشاركون الصحراويين احتفالاتهم في السياق، حل امس بمخيمات اللاجئين الصحراويين وفد يمثل المنتدى الدبلوماسي للتضامن مع الشعب الصحراوي، لمشاركة هذا الأخير الاحتفالات المخلدة للذكرى 51 لاندلاع الكفاح المسلح، وللاطلاع عن كثب على سير عمل المؤسسات الصحراوية. وحظى الوفد لدى وصوله، باستقبال كل من المدير الوطني للتشريفات السيد بلاهي السيد، وزير الإعلام السيد حماده سلمى والأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية السيد حميدة الحافظ. الوفد يضم سفراء دول صديقة للشعب الصحراوي وتربطها علاقات دبلوماسية مع الجمهورية الصحراوية من مختلف دول العالم. ومن المنتظر أن يعقد المنتدى دورته العادية الخامسة في ضيافة الشعب الصحراوي، وذلك بمقر وزارة الشؤون الخارجية. وسيحضر الوفد الاستعراض العسكري بمركز الشهيد الحنفي، كما سيحضر أنشطة أخرى مرافقة للحدث، بالإضافة إلى زيارة بعض المرافق والمؤسسات الوطنية، منها المتحف الوطني للمقاومة، جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين، المؤسسات الإعلامية، كما سيجمعه لقاء مع مسؤولين صحراويين. وسيحظى الوفد باستقبال جماهيري بولاية السمارة، وسيقدم بعض السفراء أوراق اعتمادهم كسفراء لبلدانهم لدى الجمهورية الصحراوية. وفي ختام الزيارة سيحظى الوفد باستقبال خاص من طرف رئيس الجمهورية، الأمين العام للجبهة السيد إبراهيم غالي.