تحسين البنية التّحتية الصّناعية وزيادة الكفاءة الإنتاجية حسم الخبير الاقتصادي، الدكتور أحمد حيدوسي، في مسألة شق الجزائر للنهج الصحيح، وانفتاحها على مختلف الاستثمارات الضخمة ذات القيمة المعتبرة في القطاع الصناعي، متوقّعا أن تحدث ثورة صناعية كبيرة ومهمة على الصعيد الإقليمي، تتناسب مع حجم ووزن الجزائر في الخارطة العالمي، وأكّد حيدوسي على ضرورة التنويع في المشاريع، لأنها تساهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزز النمو الاقتصادي، مقترحا الاهتمام أكثر بالاستثمار في مشاريع بقطاع الصناعات التحويلية والطاقة المتجددة، بالإضافة إلى التكنولوجيا الرقمية. ركّز الدكتور حيدوسي، في قراءة معمقة حول واقع الاستثمار في قطاع الصناعة من حيث أهمية المشاريع التي تم إطلاقها، على ما شهده القطاع مؤخراً من حركية تستدعي الإعجاب والاهتمام، في ظل ما وصفه بتزايد الاهتمام بالمشاريع الصناعية المتسمة بالابتكار والانفتاح على التكنولوجيا المتقدمة، ولقد ظهر ذلك جليا بمعرض الإنتاج الجزائري الأخير، أين تم الوقوف على منتجات ذات جودة عالية، كانت إلى وقت قريب حكرا على بعض الدول الصناعية فقط، وكذلك من خلال الأرقام المسجلة في عدد من الاستثمارات منذ إطلاق الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، حيث سجلت أكثر من 7 آلاف مشروع استثماري. وقال حيدوسي في السياق، إن الرقم يتضمن عددا مهما متعلق بالصناعة، مثلما حدد قانون الاستثمار المشاريع التي تحظى بالأولوية لدى الحكومة، وهذه المشاريع تمثل أهمية كبيرة للاقتصاد الوطني، لأنها تساهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزز النمو الاقتصادي. أما الاستثمار في مشاريع مثل الصناعات التحويلية والطاقة المتجددة والتكنولوجيا الرقمية، فقد أوضح الخبير أنها بدورها تعكس توجها نحو تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على قطاع المحروقات، علما أن هذه المشاريع - يقول حيدوسي - تساهم في تحسين البنية التحتية الصناعية، إلى جانب أنها تسمح في زيادة الكفاءة الإنتاجية، ممّا يجعلها عنصرا حيويا في إستراتيجية التنمية المستدامة.
مشاريع مهيكلة في ظل انجذاب مستثمرين أجانب كبار في عدة قطاعات صناعية للتواجد بالسوق المحلية، وما ينتظر من مشاريع عملاقة مقرر إطلاقها على صعيد رفع الناتج الداخلي الخام، يتوقع الدكتور حيدوسي أن يفضي اقتحام المستثمرين الكبار للقطاعات الصناعية إضافة هامة، وهناك مستثمر آسيوي سينجز مشروعا ضخما يقدّر بملايير الدولارات، سيكون لها تأثير إيجابي كبير على رفع الناتج الداخلي الخام، ليس فقط من حيث ضخامة المشاريع، على اعتبار أن الحديث في الوقت الحالي جار حول مشاريع مهيكِلة لها تأثير اجتماعي واقتصادي، إلى جانب خلق القيمة المضافة بشكل مستمر من دون انقطاع عن طريق تحويل التكنولوجيا، واستغلال وتثمين الموارد المحلية. واعتبر حيدوسي أن دخول المستثمرين الأجانب، سواء عن طريق الشراكة مع المستثمرين المحليين أو الولوج المباشر، من شأنه أن يسمح بجلب خبرات عالمية، وتقنيات متقدمة، إلى جانب رؤوس أموال ضخمة، ممّا سيعزّز القدرة الإنتاجية ويحفّز النمو الاقتصادي، كما يمكن لهذه الاستثمارات أن تساهم في تحديث وعصرنة القطاع الصناعي بشكل أكبر، عن طريق منحه بعدا دوليا، من شأنه أن يحسن من جودة المنتجات، ويزيد من القدرات التصديرية على اعتبار أن نقل التكنولوجيا والخبرة، ينتظر منه أن يعزز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية على الصعيدين الإقليمي والدولي. رهان الصّناعة ووقف الخبير مشرحا حجم وطبيعة المشاريع الصناعية المتطلب استحداثها في قطاع الصناعة، ولم يخف أن هذا الرهان يحتاج إلى التركيز على الاستثمار في هذا النوع المهم من المشاريع وبكثافة في المرحلة الراهنة، كونه يعول عليه في ضخ أكبر قدر من القيمة المضافة من خلال تثمين الموارد المحلية، وهذا ما يسمح بخلق أكبر عدد ممكن من مناصب العمل. وفي سياق متصل، قال حيدوسي إن القطاعات الإستراتيجية حددها قانون الاستثمار، وتمتلك فيها الجزائر ميزة تنافسية عالية، وذكر من بينها قطاع الصناعات التحويلية و الصناعة الصيدلانية، وإلى جانب البتروكيميائية والطاقات المتجددة، على خلفية أن هذه القطاعات الإستراتيجية تضمن نموا مستداما وتنوعا للاقتصاد الوطني، وتدفع عجلة التنمية الاقتصادية مع تعزيز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية على الساحة الدولية. وبما أنّ الجزائر تتهيأ لتكون بلدا ناشئا، تناول الدكتور حيدوسي قدرة هذه المشاريع الاستثمارية على تحقيق الأهداف التنموية الكبرى، بحيث تكون علامة فارقة في الحياة الاقتصادية، وذكر أن البلدان الناشئة تتمثل في تلك التي تسجل معدلات نمو سريعة ومتواصلة على مدار عدة سنوات، ممّا يسمح لها بالتحول من اقتصاد يعتمد على الصناعات التقليدية إلى بلد يعتمد على الصناعات التكنولوجية الحديثة المتطورة. واعتبر حيدوسي أن عدد المشاريع الاستثمارية المسجلة بالجزائر مهم من حيث الكم والنوع، كونها قادرة على تحويل البلاد إلى بلد ناشئ ومزدهر، إذا تمت إدارة هذه الاستثمارات بفعالية وكفاءة، مع القدرة على جلب استثمارات وتحفيزها، وبالإضافة إلى تسهيل تدفقها نحو الاقتصاد الوطني. وعاد الخبير ليثمّن ما تمتلكه الجزائر من إمكانات معتبرة تسمح لها بالتحول فعلا إلى اقتصاد ناشئ مزدهر، ممّا يرفع من مستوى معيشة المواطن ويعزّز من مكانة الجزائر على الصعيدين الإقليمي والدولي. وخلص الخبير إلى القول أنّ الاستثمار الصناعي، جاذب لرؤوس الأموال ومحقق للتفوق التكنولوجي، ويرى أن النظرة الجزائرية تسير بشكل صحيح لبلوغ التطلعات المسطرة، لأن الصناعة يقاس بها مدى تطور الدول اقتصاديا. وتمثل الصناعات التكنولوجيا جانبا مهما يمكن للمؤسسات الناشئة وبابتكارات الشباب أن تحقق كثير من المزايا بينها توفير تكنولوجيا متطورة بكفاءات جزائرية إلى جانب تسويقها في أسواق خارجية، وتحصيل موارد مالية بالعملة الصعبة.