سجّلت المصالح الفلاحية لولاية البليدة إنتاج ما يناهز 4.5 مليون قنطار من الحمضيات خلال الموسم الفلاحي الجاري 2023/2024، وهو أكبر رقم في تاريخ الجزائر منذ الاستقلال، وجاء بفضل استثمارات كبيرة بالمنطقة. أوضحت المهندسة الفلاحية هجيرة بلغربي أنّ إنتاج الحمضيات للموسم الفلاحي الحالي تجاوز ضعف منتوج الموسم السابق الذي عرف إنتاج مليوني قنطار، حيث تأثرت المساحات المزروعة بالتقلّبات المناخية لا سيما "سيروكو" الذي تسبّب في تساقط أزهار الأشجار. وأرجعت رئيسة مصلحة الاتصال بمدرية المصالح الفلاحية لولاية البليدة، الوفرة الكبيرة في إنتاج الحوامض إلى تنفيذ استراتيجية لتطوير شعبة الحمضيات التي بدأت في سنة 2010 بتجديد بساتين موجودة وغرس أخرى جديدة، لافتة إلى أنّ الإنتاج الكبير أتاح للمواطنين استهلاك أصناف البرتقال والليمون بأسعار منخفضة هذا العام. وكشفت المسؤولة بأنّ المساحة المخصّصة لأشجار الحمضيات في ولاية البليدة ارتفعت من 16 ألف هكتار إلى 21400 هكتار بعد تنفيذ استراتيجية تطوير هذه الشعبة، ممّا سمح بمضاعفة الإنتاج بأربع مرات بحسب تعبيرها، مع الإشارة إلى إنتاج البليدة من الحمضيات يفوق نسبة 40 بالمائة من الإنتاج الوطني. بدوره، أرجع مدير المصالح الفلاحية لولاية البليدة، كمال الدين فضالة، تطوّر إنتاج الحمضيات إلى الاستثمارات الكبيرة المنجزة منذ سنة 2017، وصرح لنا في هذا الشأن قائلا:« الإنتاج الوفير لم يأت من العدم بل بفضل استثمارات كبيرة، أيّ من خلال زيادة في المساحات المزروعة وإدراج التقنيات الجديدة، على غرار التكثيف الزراعي الذي سمح بغرس 800 شجرة في الهكتار بعدما كان في السابق يغرس الفلاحون 300 شجرة فقط في الهكتار". ولفت المدير التنفيذي لقطاع الفلاحة بأنّ الفلاحين قاموا باستثمارات مهمة من خلال غرس أنواع مختلفة للحمضيات:« لاحظنا بأنّ البرتقال متوفر بالأسواق منذ شهر أكتوبر إلى يومنا هذا، وهذا بفضل غرس أنواع من الأشجار تثمر مبكرا وأخرى متوسّطة وأخرى متأخرة، وهذا ما يسمح بتسويق هذه الفاكهة لقرابة ثمانية أشهر كاملة وليس ثلاثة أشهر أو أربعة فقط". وبحسب المدير فضالة والمهندسة بلغربي، فإنّ التحكم في فائض الإنتاج يفرض طريقتين اثنتين، الأولى تصدير الفائض في أنواع الحمضيات الموجّهة للاستهلاك العادي إلى التصدير لأجل جلب العملة الصعبة والإسهام في تنويع الاقتصاد الوطني، أما فيما يخصّ الفائض في الأنواع الموجّهة لصناعة العصائر فينبغي تشجيع المختصين في الصناعة التحويلية على تصنيع المادة الأولية للعصائر مثل مركّز البرتقال. في هذا الصدد، قال فضالة: "عندنا تجربة في البليدة تتمثل في صناعة مركّز الطماطم من قبل ثلاثة محوّلين معروفين على المستوى الوطني ولديهم القدرة على العمل في مجال تحويل الحمضيات، وهذا ما نتطلّع إليه في إطار برنامج" رابح-رابح" ونعقد اجتماعات لتجسيد رغبتنا في الإنتاج مع العلم أنّنا أجرينا لقاءات سابقة وقررنا أن يدخل المحوّلون في برنامج تحويل الحوامض بداية من السنة القادمة ". وبحسب المهندسة بلغربي فإنّ بعض المنتجين يطالبون بحماية أصناف البرتقال الجزائرية التي تتعايش مع المناخ شبه الجاف مثل الكليومنتين، على عكس الأصناف الجديدة المستوردة من أشجار البرتقال والتي لا تقاوم مناخ الجزائر، بل تعيش في مناخ رطب. وفي وقت سابق، صرح المستثمر في الصناعة التحويلية رياض عمور: "إذا استمرت الوفرة في الإنتاج في السنوات القادمة علينا أن نفكّر بطريقة جماعية نحن مؤسّسات التحويل والسلطات العمومية والفلاحين، لنجد الطرق الملائمة لتصريف الفائض إما بالتخزين أو نجد طريقة لتسويقه أيّ تصديره، وبمجرد أن نلاحظ أو نتوقّع أنّه سيكون فائض لابدّ أن نفكّر في إيجاد حلّ له". وتابع المتحدّث: "في الجزائر لا ننتج مركّز البرتقال بل نصنع فقط لبّ البرتقال لأنّنا في الماضي لم يكن لنا إنتاج كاف لإنتاج المركّز الذي يستدعي 10 كيلوغرام لإنتاج كيلوغرام وحيد مٌركّز، وحاليا أكثر من 95 بالمائة من المركز المستعمل في الصناعة التحويلية نستورده من الخارج، وفي السنوات القادمة نستطيع الاستثمار في إنتاجه في الجزائر إذا ما استمر الفائض في الإنتاج".