بكل نخوة واعتزاز، يحتفل اليوم الشعب العماني الشقيق بعيده الوطني الثامن والثلاثين.. ففي مثل هذا اليوم من عام ,1970 إنبلج فجر جديد بالسلطنة، جعل مصيرها بين أيادي أمينة... وقد انتقل بها السلطان قابوس بن سعيد من بلد فقير متخلف، ممزّق يغمره النسيان والتهميش، إلى بلد مزدهر بفضل التحولات العميقة التي أحدثها التغيير في جميع المجالات ومناحي الحياة... بلد ما فتئ ينمو ويتطور بإطراد من سنة إلى أخرى إلى حيث صار عليه اليوم... يملك كل المؤهلات والمقوّمات التي تجعل منه كبيرا رغم صغر مساحته الجغرافية، وقلة سكانه... كبير بإنجازاته الضخمة وقدرات شعبه الهائلة في عملية البناء والتشييد، ورفع التحديات المطروحة عليه في مجال التنمية والتي كانت في بداية العهد الجديد بالحدة التي تجعل قهر الصعاب أمرا مستحيلا. ولم يكن الفقر والأميّة، والبؤس والتخلف فقط من يوميات الشعب العماني الشقيق قبل هذا التاريخ المجيد، بل كان الإنقسام يهدد وحدتها الترابية والوطنية بسبب الفتنة في إقليم ظفار... ولم يكن كل هذا يساعد الشعب العماني أبدا على الخروج من النفق المظلم لولا تلك الحركة التصحيحية التاريخية التي قادها الشاب قابوس بن سعيد، مدفوعا بإدراكه العميق للخطر الذي كان يحدق آنذاك بوطنه وشعبه. اليوم من حقّ الشعب العماني أن يفتخر ويقول بصوت عال إن المثال السلطنة قد يكون حالة نادرة في التاريخ... فقد قدمت نموذجا للدول والشعوب الصغيرة، القادرة بقوة الإيمان والإرادة والطموح على الوصول إلى مكانة متقدمة في هذا العالم في وقت زمني قصير وأثبتت أنها متى توافرت لها القيادة المستنيرة والحيوية والحكيمة تستطيع أن تحقق أهدافها بيسر وسلاسة، رغم الصعوبات والعقبات. القيادة المستنيرة والحكيمة والحيوية للسلطان قابوس أطلقت دينامية إصلاحية فجّرت طاقات المجتمع العماني برجاله ونسائه وأجياله الطالعة، ساعدها في ذلك الإيمان العميق لهذا المجتمع برسالة النهوض التي أطلقتها القيادة، وكانوا عند حسن ظن قائدهم. وليس غريبا، ولا من باب الصدفة أبدا أن تحدث السلطنة على امتداد سنوات العهد الجديد نقلة نوعية في مسيرتها الانمائية وتقطع خطوات هامة في كافة المجالات، بما فيها مجالات القضاء والممارسة الديمقراطية وحقوق المرأة، وعلى مستوى بناء القوات المسلحة والشرطة، وحتى على مستوى علاقات السلطنة مع الدول العربية الشقيقة والصديقة في العالم، إذ تتخذ مواقف، وتتبع سياسات تتسم بالهدوء والاعتدال، والبعد عن الضجيج وهي سمات عمانية أصيلة. كما تنتهج السلطنة سياسة خارجية متوازنة وفاعلة، تضع المصلحة الوطنية على رأس أولوياتها، وتحرص على دعم كل ما فيه رفعة الأمة العربية والإسلامية، وتشجع وحدتها وتكاملها بما يحقق مصالح شعوبها، وأولت ديبلوماسيتها اهتماما متقدما يعزز التكامل مع دول مجلس التعاون الخليجي كونها تمثل الإمتداد الطبيعي والحيوي للسلطنة. السلطان قابوس بن سعيد، أكد في احدى خطاباته على ''المضي قدما في تحقيق غايات مسيرة النهضة المباركة، وذلك من خلال الخطط والبرامج الهادفة إلى بناء الإنسان ونشر العمران وتوطيد الأمن والأمان'' . الحديث عن سلطنة عمان يطول ويطول، فيما حققته من طفرة اقتصادية، ورقي اجتماعي لصالح شعبها المكافح، الأصيل أصالة البلد وتهيئة عمرانية فضلا عن مسيرة إصلاحاتها الديمقراطية والحقوقية، فنالت اشادات من منظمات دولية واقليمية عديدة كان آخرها الإعلان في جانفي 2007 عن فوز السلطان قابوس بن سعيد بجائزة الزعيم الهندي الراحل ''جواهر لال نهرو'' للتفاهم الدولي، والتي تمنح سنويا للقادة والشخصيات ذوي الإسهام المميز في تعزيز التفاهم الدولي والصداقة بين الشعوب، واحتلال السلطنة المرتبة الأولى عربيا كأكثر الدول أمنا على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك وفقا لدراسة مؤتمر السلام العالمي، والمرتبة 22 من بين 121 دولة على مستوى العالم. ------------------------------------------------------------------------