ألقى معالي الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، كلمة قيّمة خلال تنصيبه الرسمي للجنة خبراء إعداد المشروع التمهيدي لقانون تعديل الدستور، هذا نصها: بسم اللّه الرحمان الرحيم سيدي الرئيس، سيدتي، سادتي أعضاء اللجنة، لقد منحني فخامة رئيس الجمهورية شرف تنصيب لجنتكم الموقرة، التي تتكون من مختصين في القانون، يشهد لهم بالكفاءة والاقتدار. وبهذه المناسبة، أودّ أن أهنئكم على اختياركم للعضوية في هذه اللجنة، مؤكدا على الأهمية البالغة التي تكتسيها المهمة الموكلة لكم. وكما تعلمون، فقد أطلق رئيس الجمهورية ورشتي عمل ذات أهمية قصوى في حياة الأمة، تشكلان أعمدة في مسار الإصلاحات السياسية المباشر فيها، تتعلق الأولى بالجانب التشريعي والثانية بالجانب الدستوري. ولإدارة هذه الإصلاحات، لقد فضّل فخامة رئيس الجمهورية، منذ البداية، انتهاج مقاربة تشاركية تقوم على استشارة أكبر عدد ممكن من مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين بغرض استقاء آرائهم ومقترحاتهم حول التعديلات التشريعية والدستورية المرجوة. الورشة الأولى التي انصبت على تعديل المنظومة التشريعية المتعلقة بالنظام الانتخابي، والأحزاب السياسية، والجمعيات، وتوسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة، وحالات التنافي مع العهدة البرلمانية، والإعلام، كانت تهدف إلى إعطاء صلابة أكبر لقواعد الممارسة الديمقراطية، وتوفير شفافية أوسع للمواطنين في اختيارهم الحر، وتدعيم حرية إنشاء الجمعيات، وتعزيز الإطار القانوني للتعددية الديمقراطية، وتحقيق فتح المجال السمعي البصري في بلادنا. التكيف مع التطورات وهنا نحن اليوم، بصدد الانطلاق في الورشة الثانية التي تتناول الجانب الدستوري، وتتعلق بالتعديل الدستوري الذي يهدف في مجمله، إلى تكييف القانون الأسمى للبلاد مع المتطلبات الدستورية الحديثة التي أفرزها تطور المجتمع السريع، والتحولات الجارية عبر العالم، مثلما أكده بقوة فخامة رئيس الجمهورية. إن تنفيذ المسعى التشاركي، في جانبه الخاص بالمسائل الدستورية، قد أفضى إلى العديد من الاقتراحات، مما يدلّ على مدى ثراء الاستشارات السياسية، وتنوع واختلاف آراء الفاعلين الذين شاركوا في تلك اللقاءات من جهة، وأهمية مساهماتهم، من جهة أخرى. إن الاقتراحات التي عبّر عنها، بصفة ديمقراطية، أغلبية المشاركين في الاستشارات التي أدارها رئيس مجلس الأمة، أولا، ثم أدرتها أنا شخصيا، قد تم استغلالها من قبل مجموعة عمل أنشئت لهذا الغرض. وقد تولت مجموعة العمل هذه، إعداد وثيقة أولية، معتمدة على التوجيهات الرئاسية السامية. فهذه الوثيقة التي تمّ إعدادها مؤخرا، هي التي كلفني فخامة رئيس الجمهورية بوضعها، اليوم، بين أيديكم. وبطبيعة الحال، ستقومون بدراسة هذه الوثيقة الأولية، التي تشكل القاعدة الأساسية التي تنطلق منها أعمالكم، بالاستقلالية والصرامة المطلوبين. أودّ أن أغتنم هذه المناسبة، لأتوجه بالتحية لهذه المجموعة على العمل الذي أنجزته بفضل جهود متواصلة ودؤوبة في فترة طويلة من الزمن، إلى أن أكملت المهمة الموكلة لها. وهنا، لابدّ أن أشير، وهو ما يكتسي أهمية بالغة، إلى أنه لم يتم وضع أي حدّ مسبق لمشروع التعديل الدستوري، باستثناء الحدود المتعلقة بالثوابت الوطنية والقيم والمبادئ المؤسسة للمجتمع الجزائري، التي تجسّد تاريخه المرير، وحضارته العريقة، ورؤيته المستقبلية التي تحمل في طيّاتها، القيم والمبادئ التي يتقاسمها المواطنون الجزائريون، برمّتهم. وفي هذا الإطار، فإن ما هو مطلوب من اللجنة يكمن، أساسا، فيما يأتي: 1 دراسة الاقتراحات المتضمنة في الوثيقة الأولية، وإبداء وجهة نظرها في محتواها، ونسقها العام. 2 تقديم عند الاقتضاء، كل اقتراحات تراه وجيها، بغرض إثراء الوثيقة. 3 إعداد مشروع تمهيدي للقانون المتضمن التعديل الدستوري، وإدراج بطبيعة الحال، أحكاما انتقالية عندما يتطلب ذلك تطبيق مادة من المواد، ضمانا لتطبيقها التدريجي، على أن يكون هذا المشروع التمهيدي مرفقا بمشروع تمهيدي لعرض الأسباب. 4 يتم بعد ذلك، عرض نتائج أعمالكم على فخامة رئيس الجمهورية، للنظر والتقدير، وبعد تأكده من مراعاة اقتراحات الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، وعدم تعارض المشروع التمهيدي مع القيم الأساسية لمجتمعنا، فإنه سيقرر، بمقتضى السلطات التي يخولها إياه الدستور، الصيغة النهائية لمشروع التعديل الدستوري، الذي سيخضع لإجراء التعديل المناسب، المقرر في الدستور، وذلك بحسب أهمية وطبيعة التعديلات المعتمدة. 5 وأخيرا، وحرصا على توخي الفاعلية، واحترام الآجال المحددة، يمكن لجنتكم، طالما أنها مستقلة، تنظيم أعمالها بكل حرية وبالطريقة التي تراها مناسبة. حس وطني لأداء المهمة سيدي الرئيس، سيدتي، السادة أعضاء اللجنة، أجدد لكم التأكيد على أهمية المهمة الموكلة إليكم، مهمة يقدر فخامة رئيس الجمهورية بعدها التاريخي، وينظر من خلالها بافتخار واعتزاز، إلى آفاق التطورات الديمقراطية التي ستحققها لصالح شعبنا. وختاما، وإذ أعرب لكم عن يقيني بأن لديكم القدرة الكاملة والحسّ الوطني البالغ بالواجب، لأداء هذه المهمة، أتمنى أن تكلل أعمالكم بالنجاح والتوفيق. والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته. تشكيلة أعضاء اللجنة تتكون لجنة الخبراء لإعداد مشروع تمهيدي لقانون تعديل الدستور من كفاءات علمية مشهود لها في الحقل الجامعي.. تتمتع بالأخلاق العالية وهم على التوالي: السيد عزوز كردون رئيسا. السيدة فوزية بن باديس والسادة بوزيد لزهاري، غوتي مكامشة، وعبد الرزاق زوينة أعضاء. تعكف هذه اللجنة على دراسة المقترحات المقدمة على ضوء الوثيقة الأولية.. التي هي محصلة آراء الفاعلين السياسيين والاجتماعيين. ج.أ