دعا عدد من الوجوه البارزة في الإعلام الجزائري إلى ضرورة إنشاء هيئة وطنية تقوم بوضع معايير لتقييم مدى وجود حرية التعبير في الصحافة الوطنية، رافضين تقييم العناوين الصحفية انطلاقا من معيار السحب ومداخيلها بدل المادة الإعلامية التي تقدمها. اختلفت أراء الإعلامين سواء الذين تدخلوا في «المنبر الحر» وهي الندوة التي نظمها المجلس الشعبي الوطني أول أمس بمقره تناول موضوع «الصحافة الجزائرية: واقع وآفاق» حول حرية التعبير واستقلالية الجرائد الخاصة، لكنها اتفقت في أن الصحافيين سواء في القطاع العمومي أو الخاص ، عليهم أن يجعلوا من تأدية «الخدمة العمومية» هدفهم الأساسي. وفي هذا الإطار طالب الإعلامي العيد زغلامي بضرورة وجود هيئة وطنية تقوم بتقييم حرية الصحافة في الجزائر بدلا من المنظمات الأجنبية التي «تطبق معايير خاصة بها في مجال حرية الرأي والتعبير»، موضحا بأن المجتمع الجزائري في حاجة إلى منظومة اتصالات فعالة، فالاتصال يعد نشاطا حضاريا سياسيا وتربويا بالدرجة الأولى»، مبرزا أهمية تحلي الصحافة بأخلاقيات المهنة والاحترافية والخدمة العمومية والابتعاد عن التضخيم والتهويل . من جهتها ركزت الإعلامية والرئيسة المديرة العامة لجريدة «الشعب» أمينة دباش خلال مداخلتها في الندوة على مكانة الصحافة العمومية والرسالة التي يستوجب عليها تبليغها مرورا بالأوضاع التي تحيط بها في ظل التزايد الكبير لعدد الصحف الذي يتجاوز 127 صحيفة ما بين يومية وأسبوعية. وتعد يوميتا «الشعب» و«المجاهد» كما قالت «رمزين من رموز الدولة الجزائرية المستقلة، وشعارا إعلاميا للجمهورية وما لهذه الكلمة أي «الجمهورية» من دلالة وأضافت تقول « وأنا من على منبر المجلس الشعبي الوطني الذي يمثل الشعب أمنيتي أن تتطور جريدة «الشعب»، ونعمل على تدعيمها شكلا ومضمونا كي تبقى حاملة رسالة شعب بأكمله»، مشيرة إلى أن أم الجرائد تعاني من مشكل التوزيع الذي يكبح تطورها. وبدورها أكدت السيدة حدة حزام مديرة جريدة «الفجر» أن الصحافة الوطنية «لعبت دورا كبيرا» في الدفاع عن الجمهورية خلال الظروف الصعبة التي عاشتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي ملحة على ضرورة تقييم تجربة الصحافة في الجزائر من طرف رجال الإعلام الجزائريين بدلا من المنظمات الدولية. وتطرقت حزام في سياق متصل إلى المجهودات المبذولة من طرف مسؤولي الصحافة المستقلة للحفاظ على توجه وخط هذه الجرائد واستمرارها، مبرزة في نفس الوقت المشاكل التي تعاني منها هذه الصحف وتغلغل أصحاب الأموال في هذا القطاع والاستثمار فيه من أجل الربح وتحقيق المكاسب. أما الإعلامي عمار بلخوجة الصحافي السابق بجريدة «المجاهد» اليومية فقد ركز على دور الصحافة الوطنية في تحسيس الرأي العام الجزائري بالظلم الذي تعرض له الشعب الجزائري من طرف الاستعمار والمجازر التي ارتكبها في حقه. وأبرز الصحفي بلخوجة خلال تدخله دور الصحافة الوطنية أثناء ثورة أول نوفمبر لاطلاع الرأي العام الدولي بعدالة وشرعية الثورة التحريرية، وأكد خلال تصريح للصحافة على هامش اللقاء بأن حرية الصحافة اليوم موجودة ومكرسة، قائلا «أن الحرية التي تتمتع بها الصحافة جعلت البعض يتجاوز حدود أخلاقيات المهنة».. وأضاف «لاحظنا أن بعض الصحف أصبحت بمثابة أحزاب معارضة، وانصرفت بذلك عن تأدية المهام المنوطة بها». وعقب ذلك تدخل عدد من الإعلاميين والنواب حيث تطرقوا إلى مختلف المشاكل التي تعاني منها الصحافة الوطنية العمومية والخاصة في مجال الإشهار والوصول إلى مصادر الخبر وكذا المكاسب التي حققتها في مجال حرية التعبير. كما تطرقوا إلى مسألة الاستقلالية لدى الصحافة الخاصة ومجالات حرية التعبير والرأي والاحترافية وأخلاقيات المهنة إلى جانب لجوء أصحاب الأموال إلى الاستثمار في القطاع لخدمة مصالحهم.