وجّه عدد من الإعلاميين دعوة إلى البرلمانيين للتدخل والمطالبة بفتح تحقيق حول التجاوزات التي تشهدها سوق الإشهار والطبع، مما أثر على عمل عدد من الجرائد. وبمناسبة تنظيم العدد الأول من المنبر الحر للمجلس الشعبي الوطني الذي خُصص لمناقشة موضوع "الصحافة الجزائرية وحرية التعبير، واقع وآفاق"، طالب الإعلاميون الجهات المختصة بتنصيب هيئة وطنية لضبط معايير تقييم حرية التعبير، رافضين ترتيب المنظمات الدولية لحرية التعبير في الجزائر في ذيل ترتيب الدول. ولدى إشراف رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد العربي ولد خليفة على افتتاح أشغال اللقاء، دعا الصحافة الوطنية إلى الدفاع عن المصالح الوطنية العليا والالتزام بالموضوعية والاحترافية، مشيرا إلى أن الصحافة الوطنية لديها مسؤولية ودور فعال في الدفاع عن القيم الإنسانية وحق المواطنة، ملحا بالمناسبة على ضرورة ممارسة "الصحافة النقدية" للكشف عن النقائص. كما أشار السيد ولد خليفة إلى أن المجلس الشعبي الوطني يعمل جاهدا لمساعدة الصحافة الوطنية حتى تقوم بالدور المنوط بها في المجتمع. وعن حرية التعبير أشار رئيس المجلس إلى أنها "نسبية" في كل الدول، فقد نتفق ونختلف في بعض المواقف، وهو ما يُعتبر حرية للتعبير. المنبر الذي نشطه كل من البرلمانية نعيمة ماجر والمديرة العامة لجريدة "الشعب" السيدة "أمينة دباش ومديرة جريدة "الفجر" حدة حزام، بالإضافة إلى الصحافي السابق في جريدة "المجاهد" السيد عمار بلخوجة والأستاذ في كلية الاتصال السيد العيد زغلامي، كان مناسبة لاستعراض واقع الصحافة الوطنية وتطورها على مر السنوات مع مناقشة مختلف المشاكل التقنية التي تعيق تطور الإعلام في الجزائر، منها ارتباط عملية تقييم حرية التعبير في الجزائر بالمنظمات الدولية التي تضع الجزائر في كل مرة في ذيل ترتيب الدول، الأمر الذي يستدعى، حسب الأستاذ زغلام، التفكير جليا في تنصيب هيئة وطنية تهتم بتقييم مدى تطبيق حرية التعبير في الوسط الإعلامي الجزائري. بالمقابل، أشار المتدخل إلى أن الجزائر بحاجة إلى منظومة اتصالات فعالة، مبرزا أهمية تحلي الصحفيين بأخلاقيات المهنة والاحترافية والخدمة العمومية، والابتعاد عن التضخيم والتهويل وإثارة الأحقاد لتصفية الحسابات. من جهتها، تطرقت المديرة العامة لجريدة "الشعب" إلى نشاط الصحف العمومية، التي لا يزيد عددها عن 6 من أصل 127 يومية وأسبوعية، وهي التي تعيش اليوم فترة انتكاسة بعد أن تم تجريدها من المطابع التي كانت تابعة لها، الأمر الذي انعكس على نسبة التوزيع وأعاق تطور الجرائد العمومية في ظل تنامي ممارسات غير تجارية في المطابع، مع العلم أن كلا من جريدتي المجاهد والشعب تُعد مدرسة للصحافة الجزائرية، تخرّج منها خيرة الصحفيين، وهي التي حملت رسالة أمة بكاملها. وتساءلت المتدخلة عن هوية الأطراف التي تعمل اليوم على دفن الإعلام العمومي في الوقت الذي تدعم الدول العظمى وسائل الإعلام العمومية. مديرة "الفجر" هي الأخرى ضمت صوتها إلى صوت السيدة دباش حول التلاعبات التي تحدث بالمطابع، والتي حالت دون تطور العديد من العناوين الصحفية التي تنشط في مجال إعلام المواطن بمختلف المستجدات على الساحة السياسية والاقتصادية، عكس الصحف الصفراء التي اكتسحت الساحة الإعلامية بقوة. وقالت إن هناك "عناوين لا توجد إلا بالاسم فقط، ومهمتها جمع أموال الإشهار فقط". وطالبت السيدة حزام بفتح تحقيق على مستوى البرلمان لتحديد الجهات التي تقف وراء مثل هذه العناوين التي لا تخدم الساحة الإعلامية. ولم تتوان السيدة حزام في إبراز الدور الكبير الذي لعبته الصحافة الوطنية منذ الاستقلال وطوال فترة حكم الحزب الواحد، منوهة بالعمل الصحفي وحرية التعبير التي كانت تتميز بها عدة عناوين صحفية في تلك الفترة، وعلى رأسها "المساء"، التي تمكنت خلال الظروف الصعبة التي عاشتها الجزائر في التسعينيات، من الحفاظ على مكانتها في الساحة الإعلامية وإعلام المواطن بالمستجدات بكل موضوعية. كما تطرقت السيدة حزام بالمناسبة إلى المجهودات المبذولة من طرف مسؤولي الصحافة المستقلة للحفاظ على توجه وخط الجرائد واستمرارها، معرجة على المشاكل التي تعاني منها هذه الصحف بعد تغلغل أصحاب الأموال إلى هذا القطاع والاستثمار فيه من أجل الربح وتحقيق المكاسب. وبدوره، تناول الصحافي السابق بجريدة المجاهد اليومية عمار بلخوجة، دور الصحافة الوطنية في تحسيس الرأي العام الجزائري بالظلم الذي تعرّض له الشعب إبان الثورة التحريرية الكبرى.