نشبت في الأيام القليلة الماضية أزمة حادة بين إثيوبيا ومصر عقب قرار أديس أبابا بناء «سد النهضة» على نهر النيل الأزرق الذي يشكل المصدر الرئيسي للماء في مصر. وبينما تقول إثيوبيا أن بناء السد لن يشكل أي خطر على دول الجوار ولن يقلل من حصصها المائية، ترتفع أصوات محذرة في مصر من مخاطر هذه الخطوة معتقدة أن أضرارها ستكون جسيمة عليها وعلى اقتصادها. سد النهضة أو سد الألفية الكبير يقع على ضفاف النيل الأزرق بولاية بنيشنقول قماز بالقرب من الحدود الإثيوبية-السودانية ويبعد عنها بحوالي 40 كيلومترا . وعند اكتمال إنشائه سيصبح أكبر سد في القارة الإفريقية، والعاشر عالميا في قائمة أكبر السدود إنتاجا للكهرباء، تتجاوز تكلفته 8 مليارات دولار. وهو واحد من ثلاثة سدود تشيّد بغرض توليد الطاقة الكهرومائية في إثيوبيا. ويفترض أن تنتهي أولى مراحل بنائه بعد ثلاث سنوات مع قدرة توليد 700 ميغاوات من الكهرباء، وعند استكمال إنشائه سيولد 6 آلاف ميغاوات، وتنوي الحكومة الإثيوبية تصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة بسعر رخيص، وقال وزير المياه الإثيوبي: «لماذا يمثل تحويل مجرى النهر صداعا للبعض، وأي شخص عادي يمكن أن يفهم ما يعني تحويل مجرى النهر».. وتابع «أجندة إثيوبيا هي التنمية، إثيوبيا دولة تكافح ضد الفقر، وتنمو بمواردها لإفادة شعبها، وتريد العيش مع جيرانها بسلام مع التشارك في مواردها». لكن خبراء وسياسيين وإعلاميين في مصر يعتقدون أن مخاطر السد على مصر وحتى على السودان في حالة انهياره ستكون كارثية، ويقدرون أن هذا السد يهدد حصتها بأكثر من 10 ٪، وسيلحق أضراراً فادحة بها ويخفض حصتها بنحو 18 مليار متر مكعب من المياه على اعتبار أن حصة مصر من مياه النيل في الوقت الحالي تقدر ب 55,5 مليار متر مكعب. وتؤكد القاهرة أن لها حقوقاً تاريخية في مياه النيل تكفلها معاهدتا 1929 و1959 اللتان تمنحانها حق النقض (الفيتو) على أي مشروعات قد تؤثر على حصتها وتحصل بموجب اتفاقية توزيع مياه النيل التي وقعت عام 1929 على 48 مليار متر مكعب، بينما تحصل السودان على 18,5 مليار متر مكعب. وتوّزعت الخيارات من مختلف الاطياف في مصر، لإجبار إثيوبيا لوقف بناء السد، بينما يرى دعاة الحوار بضرورة اقناعها بالتوقف المرحلي وتشكيل فريق عالمي من الخبراء لتحديد مخاطر هذا السد وعمل اتفاقية مكتوبة بعد التأكد من سلامة التصميمات على أن تتضمن خفض السعة التخزينية للسد، بينما ترى السودان أن لإسرائيل دور شيطاني وتسعى لإيقاع الخلاف بين الدول الثلاثة.