ساد بعض الهدوء الحذر مصر، أمس، بعد أعمال عنف شهدتها الجمعة، ويخشى الجميع أن يكون هذا الهدوء يسبق عاصفة قد تأتي على أمن واستقرار أرض الكنانة خاصة وأن أبناء الشعب المصري الذين انقسموا الى مؤيدين ومعارضين للنظام يحشدون لاحتجاجات اليوم المفتوحة على كل الاحتمالات ومخاطر الانزلاقات. فبعد مقتل ثلاثة أشخاص بينهم طالب أمريكي، وتعرض عدد من مكاتب جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي للهجوم بما في ذلك مكتب الجماعة في الاسكندرية حيث قتل رجلان بينهما أمريكي يبلغ من العمر 21 عاما، ومقتل رجل في بورسعيد إثر انفجار وقع خلال احتجاج مناهض للرئيس، عزز الجيش انتشاره في شتى أنحاء البلاد محذرا من أنه سيتدخل إذا لم يتمكن الساسة المتنازعون من السيطرة على الشارع. كما قررت الولاياتالمتحدة إجلاء الدبلوماسيين الذين ليست هناك حاجة ملحة لوجودهم وحذرت مواطنيها من السفر إلى مصر، وقال مصدر في مطار القاهرة، إن عشرات من الأمريكيين وعائلاتهم غادروا البلاد إلى ألمانيا أمس. وحث أوباما في مؤتمر صحفي في جنوب إفريقيا مرسي وأحزاب المعارضة على نبذ العنف وبدء حوار بناء وقال بالطبع كلنا نتابع الوضع بقلق. وفي انتظار اليوم الموعود، امتلأت الساحات والميادين بالحشود من هذا الطرف وذاك، وكل يرفع شعاراته، فالمؤيدون لمرسي يعتصمون تحت راية "الشرعية خط أحمر"، والمعارضون يرفعون شعار" ارحل "في أجواء تذكر بثورة يناير التي أطاحت بمبارك. وفي ظل أزمة الوقود والمصاعب الاقتصادية قال كثيرون إنهم سيشاركون في مظاهرات اليوم التي تتزامن مع مرور عام على تولي مرسي السلطة في أول انتخابات حرة تجري في البلاد. ويطالب معارضو مرسي بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ورفض زعماء معارضون ليبراليون دعوة مرسي للمصالحة التي تقدم بها خلال خطاب ألقاه، يوم الأربعاء الماضي، وقالوا إن العرض جاء متأخرا. وتتهم جماعة الاخوان المسلمين التي تقول، إن خمسة من أعضائها قتلوا في الاشتباكات التي وقعت خلال الأيام الماضية الليبراليين بالتحالف مع فلول نظام مبارك للانقلاب على مرسي. وتقول المعارضة إن جماعة الاخوان المسلمين تحاول احتكار السلطة وأسلمة مجتمع متعدد الاطياف وقمع المعارضة. وتستشهد بانتقاد مرسي لوسائل الاعلام والاجراءات القانونية التي اتخذت ضد صحفيين. ودعا الأزهر في بيان نشر الجمعة في وسائل الإعلام إلى الهدوء بعد سقوط قتلى ومصابين محذرا من اندلاع "حرب أهلية". إذا استمر الاستقطاب السياسي الحاد في البلاد. وأيد الأزهر دعوة مرسي إلى الحوار مع جماعات المعارضة قبل احتجاجات اليوم. وناشد الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدةوالولاياتالمتحدة طرفي الصراع التراجع عن المواجهة التي تهدد التجربة الديمقراطية التي جاءت ثمرة ثورة عام 2011 . هذا وقد شهدت قاعات السفر بمطار القاهرة الدولي حالة من الزحام الملحوظ وامتلاء قاعة السفر بالركاب قبل ساعات من مظاهرات سحب الثقة من مرسي. وصرح مدير مطار القاهرة مجدي اليسرى، أنه تم وضع خطة طوارئ بمناسبة مظاهرات اليوم، ومن جهة أخرى أفادت تقارير صحفية، أن مئات السياح الأجانب غادروا مدينة الأقصر السياحية فيما كشفت مصادر في غرفة شركات السياحة عن انخفاض عدد زوار المناطق الأثرية في أقصر إلى نسب غير مسبوقة. وأعلنت بعض الفنادق والمحلات والمطاعم الكبرى عن غلق أبوابها وذلك على الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة التي تشهدها الأقصر وتأكيدات منظمي تظاهرات اليوم في المدينة عن سلمية المظاهرات ونبذ العنف وتشكيل لجان شعبية للمشاركة في تأمين المناطق الأثرية والكنائس والمنشآت الحيوية. مصر اليوم في مفترق الطرق والكل يخشى أن تتجه الاوضاع بها الى حيث لايمكن الرجوع، خاصة وأن النداءات الدولية للتعقل لاتبدو أنها تجد آذانا صاغية، والخوف كل الخوف من أن تتكرر المأساة السورية لا قدر اللّه ، فحينذاك ستكون المصيبة الكبرى. ونطرح في الأخير نفس السؤال العقيم عن ماهية ما يسمى بالربيع العربي ، وعمن يقف وراءه وأهدافه ومقاصده الحقيقية.