تشهد الساحة الوطنية والعربية والإسلامية تفشي ظاهرة الفتاوى، إذ أصبح كل من هب ودب يفتي الناس في أمور دينهم، وعلى الملأ، كما أضحت الفتاوى وسيلة للتحريض على العنف والتشدد والتخريب وحتى على التصفية الجسدية وهدر الدماء التي حرم الله بالحق. ووصف الباحث في العلوم الإسلامية الأستاذ صهيب بن الشيخ بن الحسين حرب الفتاوى بالكارثة الكبرى وبعلامة مرض في الجسد الإسلامي الذي يعاني من داء التشدد، فيما أصبحت الظاهرة بمثابة حرب إعلامية تعدت كل الحدود والقيم. وأضاف بن الشيخ من منبر ضيف «الشعب» أن المفتي الحقيقي للمسلم هو قلبه على أن يستعين بذوي الاختصاص حين تقتضي الحاجة، مؤكدا في ذات السياق أن «الإمام، المفتي أو الشيخ، لا يملك أيا منهم تجويز أو إباحة الشيء، بل عليهم القيام بالبحث وأن يأتيه بحكمة، مع العلم أن الفتوى لا تمحي مسؤولية الفرد في الإسلام». كما أكد ضيف «الشعب» أن الفتوى خاصة بوضعية شخص محدد ولا تنطبق على الجميع، كما أن المسلم إن استفسر عن أمور دينه، فهو غير ملزم بالاستماع والعمل بفتوى واحدة، بل عليه أن يسأل مرة وأثنين وثلاث مصادر ويأخذ الأيسر من الأمور لأن أصل الأشياء الإباحة. واعتبر صهيب بن الشيخ أن «تفادي هذه الفوضى التي ستؤدي لكارثة حقيقية، مرهون بمخاطبة الضمائر الفردية وفهم السماحة التي جاء بها الدين الحنيف، والكف عن احتكار الفتوى في أمور شبه جنسية وأسئلة بديهية». وندد ضيف «الشعب» من جهة أخرى بكون «الخطاب الديني الذي حارب العقلانية في الإسلام أنتج فكرا آخر مخال وخلف فوضى الفتاوى، فهناك مع الأسف، يضيف ضيف «الشعب» شيء يعارض ويعاكس ويغالب روح وطبيعة الدين الإسلامي، الذي ليس فيه كهنوت أو رهبانية أو طبقة من الرجال يحتكرون فهم الدين، لا يتقبلون الاعتراف ولا يمنحون الغفران أو القبول، بل هناك علماء الدين وليسو برجال الدين، الذين شرفهم الله بحكمته ونور علمه، والذين هم مطالبون بالبحث والرجوع دائما إلى الأصل أي إلى كتاب الله الحكيم».