إنتهت العملية الانتخابية في مالي بحصولها على إجماع داخلي وخارجي على شفافية وديمقراطية الإقتراع، الذي أفرز رئيسا جديدا للبلاد بعد قطيعة دستورية ومؤسساتية أعقبت إنقلاب مارس 2012 ودخول البلاد في أزمة سياسية وعسكرية إستمرت على مدى 18 شهرا. ويعلق الماليون على رئيسهم الجديد إبراهيم أبو بكر كايتا كل آمالهم في إنهائها بعد أن منحوه تفويضا إنتخابيا كافيا قدّر ب6 ، 77 بالمائة، يمكنه من إتخاذ قرارات مصيرية وفارقة. أعطت التجربة المالية مع الانتخابات الرئاسية الأخيرة نفسا جديدا لكل شعوب القارة السمراء، الراغبة في الإنتقال الديمقراطي السلمي الذي يوفّر لهذه الشعوب الكثير من الوقت والجهد والأموال التي يمكن أن توجّه للتنمية الإجتماعية والإقتصادية عوض هدرها في المواجهات وإقتناء السلاح والهواجس الأمنية وما تستلزمه من مخصصات مالية استنزفت الخزينة العمومية للكثير من الدول الإفريقية التي تعاني أصلا من إقتصاديات هشّة تقوم على أنماط تقليدية إستهلاكية. إن الماليين يستحقون كل الإحترام لأنهم اختاروا الطريق الأسلم وأصرّوا على ذلك من خلال مشاركتهم القياسية في هذه الإنتخابات التي وجدوا فيها صيغة لإنقاذ وطني، تخرجهم من النفق الذي دخلوا فيه، وكان لهذا العامل أي المشاركة الواسعة والإرادة السياسية الصادقة للسلطات الإنتقالية الحقنة التي حصّنت هذا الموعد من التزوير والمناورات، ولم يخطئ الرئيس المؤقت دياكوندا تراوري عندما قال بأن المهمة ناجحة وأنه أدّاها بشكل جيّد، مؤكدا أن خارطة الطريق من أجل استعادة كل الأراضي والعودة إلى العمل بنظام الشرعية الدستورية. وفي واغادوغو العاصمة البوركينابية حيث ينهي تراوري جولته الإفريقية، أثنى على وساطة بوركينافاسو في أزمة بلاده، وقلّد رئيسها بلايزي كومباوري وساما على دوره الذي ساهم بشكل كبير في عودة رموز الدولة المالية إلى شمال البلاد قبل تنظيم الانتخابات الرئاسية الذي فاز فيها إبراهيم أبو بكر كايتا في الدور الثاني والذي كان على رأس مهنئيه خصمه صومايلا سيسي الذي أظهر نضجا سياسيا كبيرا من شأنه ترسيخ الثقافة الديمقراطية التي تقتضي التداول السلمي على السلطة، وأكد سيسي أنه سيعود إلى معسكر المعارضة من جديد تحضيرا للمواعيد الإنتخابية المقبلة، وأنه سيساهم في إنضاج التجربة الديمقراطية في بلاده من موقعه في المعارضة ومن خلال تقديم الرؤى والمقترحات، واستبعد المشاركة المباشرة في السلطة الجديدة، دون أن يكون ذلك راجع لإحباط أصابه بسبب النتائج.