كشفت تحقيقات قام بها فريق الطب الشرعي ومختبر علم الوراثة في جامعة بلاد الباسك، عن مصير مفقودين صحراويين تعرضوا للاعتقال سنة 1976 على يد قوات الاحتلال المغربية، حيث أبان التقرير الذي سلمت نسخة منه لمجلس حقوق الإنسان الدولي بجنيف اليوم، عن وجود مقبرتين جماعيتين بمنطقة السمارة تضم الأولى 6 جثث، إثنين منها لأطفال يتراوح سنهم بين 1512 سنة، والباقي من البالغين مصابون بأسلحة نارية، أما المقبرة الثانية فتضم جثتين، كما تم العثور على العديد من الوثائق الشخصية والملابس، وهو ما يؤكد همجية الاحتلال المغربي ويثبت مرة أخرى انتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة. وجاء في التقرير الذي تحصلت «الشعب» على نسخة منه، أنه في نهاية فيفري 2013، عثر راع يدعى عبد الرحمن عبيد أباي في «فدرة لقويعة» في منطقة السمارة وقرب أمغالا الواقعة في نطاق مركز مراقبة البعثة الأممية «المينورسو» على بقايا رفات متناثرة على الرمال، وقد جرفت المياه العظام التي بدأت متأثرة بفعل أشعة الشمس ومنتشرة على مساحة واسعة بالقرب من هذا المكان، ليتسلم فريق من تحقيقات الطب الشرعي بجامعة بلاد الباسك في أفريل 2013 إلتماسا من جمعية أولياء وعائلات المفقودين والمختطفين الصحراويين، إجراء تحقيق في المنطقة حيث يعتقد وجود رفات لضحايا صحراويين. وتبعا لطلب جمعية أولياء المفقودين والمعتقلين تنقل فريق من الخبراء الدوليين من جامعة بلاد الباسك، ومؤسسة أرانثادي، ومعهد إغووا بنفس الجامعة، إلى المنطقة لبدأ التحقيق في الأمر، وقد ساعدهم في ذلك عدد من أقارب الأشخاص المفقودين وأعضاء من الرابطة حيث تنقلوا إلى قطاع «فدرة لقويعة» بمنطقة السمارة على بعد نحو 400 كلم من مخيمات اللاجئين الصحراويين في ولاية تندوف الجزائرية. وقد خلص التحقيق الذي أنجزه الفريق الدولي في جوان 2013 حسب التقرير إلى إمكانية تواجد مابين 8 إلى 9 أشخاص في تلك المنطقة، وقدمت أسماءهم للباحثين من قبل أسرهم، ووفقا لشهادة الصحراوي أب عالي سعيد الداف الذي كان في عمره أنذاك 13 سنة، واعتقل مع اثنين من الرجال البدو البالغين، فقد كان من بين هؤلاء الأشخاص، طفلان رعاة كانوا يبحثون عن الكلأ والماء لماشيتهم عندما تم إلقاء القبض عليهم وأعدم اثنان منهم على الأقل أمام عينيه. وفي تحليل لاحق، تبين أن الرفات كانت خارج وداخل المقبرة الجماعية الأولى، وقد عاين الفريق وجود 6 جثث لذكور، اثنين منها لأطفال يتراوح سنهم ما بين 12 إلى 15 سنة، والباقي من البالغين جميعهم مصابون بأسلحة نارية، كما تم العثور على العديد من المستحقات الشخصية والوثائق والملابس. أما في المقبرة الثانية، فقد تحقق فريق البحث من وجود هيكلين عظميين لذكور بالغين، مع آثار إصابات ناجمة عن أسلة نارية، كما عثر في المكان على بعض الأغراض الشخصية والوثائق والملابس تم جمعها من قبل فريق الطب الشرعي، الذي سلمها للسلطات الصحراوية لحفظها والتقرير عنها أمام الهيئات الدولية المختصة. وأكد فريق التحقيق بعد تطابق أقوال الشهود وعائلات الضحايا مع نتائج تحليل هوية جميع الأشخاص المدنيين الذين تحتضنهم تلك المقابر الجماعية، ويتعلق الأمر بكل من سلمه محمد سيد أحمد، سلمه الداف سيدي السالك، البشير سلمة الداف قاصر، سيد احمد سغري الجماني، سلامة محمد عالي سيد احمد الكرشة، سيدي السالك سلمه قاصر، محمد مولود محمد لمين، محمد عبد الله رمظان، كما كشف عن الطريقة الوحشية التي تم إعدامهم بها رميا بالرصاص الحي خارج نطاق القضاء في فبراير 1976 من قبل أفراد من الجيش المغربي إبان اجتياحه لأراضي الصحراء الغربية، حيث ارتكبت حينها جرائم بشعة بحق الإنسانية. ومن هذه المجموعة، 4 ضحايا اعترف المغرب أنهم من المفقودين، حيث قال أنهم احتجزوا في أمغالا وتم نقلهم إلى ثكنة السمارة، ليلقوا حتفهم أثناء الاحتجاز ويتعلق الأمر بكل من سلمه سيدي السالك الداف، وابنه بشير سلمه الداف، وسيد احمد محمد عالي سلامة، وعبد الله رمظان. ورفع التقرير الذي تسلم مجلس حقوق الإنسان الدولي بجنيف اليوم نسخة منه، دعوات عاجلة لضرورة القيام بمهمة رسمية بمشاركة بعثة المينورسو، اللجنة الدولية لصليب الأحمر، المنظمات غير الحكومية الدولية لحقوق الإنسان ونفس فريق الخبراء المستقلين لاستخراج الجثث وإعادة الرفات إلى ذويهم، وتحليل مقابر أخرى يحتمل وجودها بالمنطقة. وتحصي جمعية عائلات المعتقلين والمفقودين الصحراويين أكثر من 400 صحراوي وصحراوية ضحايا الاختفاء القسري لازال يجهل مصيرهم، والعديد من المفقودين على إثر قصف الطيران المغربي لأم ادريقة، والقلتة، وتيفاريتي في عام 1976 . وتشير الإحصائيات إلى أن ما يقرب80 بالمائة من هذه الحالات تم تسجيلها خلال السنوات الأولى للاحتلال العسكري للصحراء الغربية، خاصة ما بين عامي 1975 و1977، الشيء الذي شكل أوج القمع المغربي. وعن مصير 207 من هؤلاء الضحايا، قدم المغرب استجابة مجزأة، محدودة وجزئية، من خلال تقرير المجلس الاستشاري المغربي لحقوق الإنسان، الذي نشر على شبكة الإنترنت في ديسمبر 2010 . والذي أشار في معظم الحالات إلى الموت «بسبب الظروف» أو «في الحجز» بدون أي تفاصيل أخرى أو معلومات عن المصير النهائي. ويعترف نفس التقرير بوجود 144 حالة أخرى من المفقودين دون تسهيل تحديد مصيرهم. جدير بالذكر، أن هذه المقابر الجماعية تعد أول اكتشاف في الصحراء الغربية ومعاينتها من طرف محققين دوليين مختصين مما يؤكد من جديد بشاعة السياسة المغربية التي انتهجتها في الصحراء الغربية منذ احتلاله ويضع المغرب أمام مسؤولياته القانونية.