شدد الباحث في التاريخ والإسلاميات محمد الصغير بن لعلام على المرجعية الدينية الجزائرية في زمن تغزو فيه أفكار التطرف والغلو تشكك في مبادئ وقيم ظلت محفوظة في القلب محفورة في الذاكرة على مر العصور. وقال بن لعلام من منبر «ضيف الشعب» أمس، أن للجزائر علماء وفقهاء ظلوا على الدوام مرجعا في الإفتاء وإنارة الرأي العام بحقيقة الدين الإسلامي السمح الداعي إلى التعايش والتسامح والجدل بالتي هي أحسن لان «الإسلام دين يسر وليس عسر» مثلما ذكر بها الأستاذ أكثر من مرة. وغاص بن لعلام في التاريخ الإسلامي وحقبه المتعاقبة المضطربة مضربا المثل بعلماء الغرب العربي الكبير في مقدمتهم الجزائر وكيف صنعوا الأحداث بتحدى نظرائهم في المشرق الذين توهموا أنهم أحق وأقوى حجة وفقها في الافتاء من غيرهم. من هؤلاء العلامة ابو محمد زيد الدين الزواوي (589-681) الذي قيل عنه انه شيخ القراء في الشام وشيخ المالكية جمع بين العلم والعمل. راودته فكرة الرحلة الى بلاد الشام من بجاية موطن ولادته لاتمام التحصيل المعرفي واكتساب السمعة والتقدير. وكانت هذه سمة العلماء الجزائريين الذي هم في ترحال طلبا للعلم والتواصل مع نظرائهم في المشرق زمن الدولة الإسلامية المترامية الأطراف. ذكر الاستاذ بن لعلام بعلماء جزائريين آخرين تجاوزت شهرتهم الحدود منهم نصر الدين المشدالي والعلامة الموسوعي عيسى بن مسعود أو الروح المنكلاتي والشيخ الطاهر الجزائري وغيره كثيرون من رواد الاصلاح. وكلها اعلام ثتيت بالملوس القاطع أن هذا البلد الامين كان منبت أهل الفقه والدين وليس بأرض قاحلة يستورد من يعيشون عليها أفكار غيرهم ويتخذونها منهاجا في حياتهم الدينية والدنيوية. لكن يبقى تقصيرنا في التعريف بهؤلاء العلماء هو الذي ابقاهم في طي النسيان عكس المشارقة المروجين بلا توقف لاهل الدين والتباهي بهم وادراجهم ضمن مكنونات الهوية والشخصية. وهنا يضع الأستاذ بن لعلام يده على الجرح بالتأكيد لما يقوله عنا الاخرون في الجهة العربية « مشكلتنا اننا لم نحاول إحياء التراث النائم». ولم نحرك ساكنا تجاه اعطاء قيمة واعتبار للعلماء الذين ربما يعرفهم غيرنا ونتجاهلهم نحو من فرط الاهمال والتسيب. وصدق ما قاله بن باديس في الرد على المشككين في الهوية الجزائرية والتساؤل عمن يكون الشعب الجزائري «أنه مسلم والى العروبة ينتسب». هذه الهوية الجزائرية تتعرض لاخطار تيارات التطرف والتغريب والتضليل مصدرها الوهابية والشيعية والتنصير. ويقود هذه الحملة المركزة رجال دين يرون انهم انسب للفتوة وأكثر حجة ومعرفية من غيرهم. مما يفرض تحصين الأمة الجزائرية بقيم الإسلام السمح من خلال العودة إلى تعاليمه وتوسيعها عبر المراكز والمدارس العليا وليس بذلك مستحيلا. انها افكار حية أطلقها الاستاذ بن لعلام في موسم المحرم وعاشوراء ومواسم دينية أخرى لإيقاظ الضمائر النائمة والعمل قدر الممكن من أجل العودة الى المرجعية الجزائرية الدينية دون السقوط الحر في أعاصير وطوفانية أفكار هوجاء ترسلها فضائيات لا نعرف مصدرها تغذي التطرف والغلوّ وتكريس مجتمع الطوائف والشيع انهى عنها الاسلام ورفضها جملة وتفصيلا.