يبدو أن الحديث عن قطاع الصحة عندنا يكاد لا ينتهي وأصبح شبيها بالمسلسلات الطويلة المملة، فالمشاهد نفسها تتكرر يوميا وتزيد معاناة المواطن السليم بلّة، فما بالكم بالمريض وصدقوني إن قلت لكم أن هذه المساحة المخصصة لهذا العمود الأسبوعي لن تكفي ولا حتى صفحات الجرائد لتكتب عما يحدث في مستشفياتنا، هذه المرة لن أكون أنا من يحدثكم بل سأترك المجال لعامل يعمل في شبه الطبي كممرض ليحدثنا عن أوضاع ''السبيطارات'' المزرية، لأنه إبن القطاع ويعرف أكثر من غيره ما يجري داخل هذه الهيآت من تجاوزات خطيرة حيث استهل محدثي كلامه بالحديث عن أحد الأطباء الذين يعملون في مصلحة الطب الداخلي والذي كان في كل مرة يبعث لصيدلية المستشفى وصفة طبية تحمل بعض الأدوية تستعمل في تطبيب العيون لكي يزودوه بها، أحد العمال استغرب الأمر، إذ كيف يطلب منهم هذا الأخير مثل هذا الدواء وهو يعمل في الطب الداخلي! وبعد التحقيق الذي بوشر اكتشف أن زوجة الطبيب المحترم تملك عيادة في حي شعبي لطب العيون وزوجها كان يشغل منصبه ليورد لها الأدوية، الغريب في الأمر أن الطبيب لم يعاقب على فعلته هذه كي يكون عبرة لمن يعتبر. وتبقى دائما مع الأطباء الذين يعتبرون والممرضين عماد المستشفيات الذين كثيرا ما يعطون مواعيد بعيدة لمرضاهم كي يدفعوهم دفعا وكرها وقهرا الى عياداتهم، فحسب محدثي دائما، قال لي إنه كان بحاجة الى إجراء عملية جراحية على قدمه جراء إصابة تعرض لها وهو يلعب كرة القدم ورغم أنه مرسول وموصى عليه، قصد طبيبا فبدأ هذا الأخير يتماطل فما كان على الممرض المريض إلا أن يقولها له صراحة، أتريدني أن أجريها في عيادتك؟ ليسقط القناع عن الطبيب ليقول له بدوره كيف فهمت ذلك؟ ''ليجيبه محدثي أنا ابن القطاع وأمور كهذه لا تخفى علي ليتنازل في الأخير الطبيب ويقرر أن يتكرم عليه بتاريخ اجراء العملية في المستشفى وفي أقرب الآجال لا لشيء، إلا لأنه زميل تصوروا؟! وليس هذا فقط فمعظم الأطباء يتهربون من اجراء العمليات للمرضى، اللّهم إلا واحدة وتكون عادة للأقارب أو''الموصى عليهم''، واللّه لن يحزن أحد بعد ذلك على غلق هذه التي تسمى مستفشيات ف ''غلّقوها تغليقا''. ------------------------------------------------------------------------