تشهد ظاهرة تبذير الخبز بولاية تلمسان تطورا في الآونة الأخيرة نتيجة عدم التطابق بين الاستهلاك والقدرة الشرائية، حيث أجمع أغلب الخبازين الذين تحدّثت إليهم «الشعب» أنّه ورغم المجهودات الكبيرة التي تبذلها المخابز من أجل وضع حد للندرة، تقابلها من جهة أخرى زيادة الطلب على هذه المادة الحيوية. لكن الزائر لشوارع مدينة تلمسان وبلدياتها يقف على الحجم الذي يوضع على حافة الطرق كل صباح، ما جعل هذه المادة تتحول إلى تجارة لبعض فئات المجتمع من الأطفال الذين يجمعونها لبيعها. كشفت الإحصائيات التي قدّمتها مديرية التجارة للولاية أنّ تلمسان بدوائرها ال 20 وبلدياتها ال 53 تحصي أكثر من 70 مخبزة لإنتاج الخبز وأكثر من 1000 محل لبيع هذه المادة الحيوية، لكن المشكل الحقيقي أنّه ورغم الإنتاج الكبير يوميا إلاّ أنّ هناك نقصا في غالب الأحيان نتيجة الاستهلاك الكبير الذي لا يتطابق مع الاستهلاك الحقيقي للسكان، حيث أكّدت نقابة الخبازين أنّ إنتاجها يتجاوز معدل الإنتاج بأكثر من مرتين، لكن الأزمة دائمة بفعل عدم توافق مشتريات المواطن من الخبز بقدرة استهلاكه لهذه المادة. ورغم أنّ الولاية معروف عن سكانها بإفراطهم في الاستهلاك، لكن الضّائع يشكّل حلقة حقيقية في أزمة الخبز بالمدينة، وهو ما تترجمه الكميات الكبيرة التي تطرح يوميا في أكياس بشوارع المدينة كل صباح. ورغم الإحصائيات التي تقدّمها مصالح التجارة لكنها غير دقيقة لإسقاطها لتجارة خبز الدار من معادلتها، والذي يسمى محليا ب «المطلوع»، والذي يضاعف من ارتفاع معادلة تبذير الخبز بحكم أنّ دراسة دقيقة أشارت إلى أنّ أكثر من 15 بالمائة من سكان الولاية يعتمدون على خبز الدار، خاصة في المناطق الريفية للولاية، حتى أنّ هناك عائلات جعلت من إنتاج الخبز وبيعه مصدر رزق لهم، ويتجلى ذلك خصوصا في المدن، وتشتهر مناطق الخريبة ومسيردة ومغنية بهذه التجارة التي تنافس الخبازين. أما الارتفاع الكبير للخبز المبذر الذي يعدّ نقمة نجد أنّ هذه الظاهرة تحوّلت إلى نعمة على بعض فئات المجتمع التي أصبحت ترى من هذه الأزمة مصدر رزق لهم، حيث تجد هذه الفئة التي تعتمد على الأطفال في جمع الخبز اليابس مصدرا لهم، يجوب هؤلاء الشوارع يوميا لجمع بقايا الخبز في أكياس ونقلها لمخازن خاصة قبل بيعه بالكيلوغرام، حيث يتراوح الكيلوغرام الواحد من الخبز اليابس ما بين 8 دج و10 دج. ويعدّ الموّالون أول زبائن هذه الفئة، حيث يتم شراء كميات كبيرة من الخبز اليابس لمزجه مع الشعير وتحويله إلى أعلاف للمواشي من أجل المساعدة في تخفيف أزمة الشعير، الذي ترتفع أسعاره في الأسواق خاصة في فصل الشتاء. هذا وأشار أحد بائعي الخبز اليابس في تصريح، أنّ الموالين هم أول الزبائن لكنهم أحيانا يلتقون بزبائن جدد لكن يفرضون عليهم الخبز النقي ويباع ب 10 دج للكيلوغرام، وهم من أصحاب بعض المحلات الخاصة ببيع الأكلات الخفيفة، حيث يتم طعن الخبز اليابس ومزجه مع مسحوق الخبز لإنجاز وجبة «الكران» المطلوبة بكثرة كوجبة ساخنة في تلمسان. من بحثنا المدقّق في هذا الملف كشفت التحقيقات الأولية التي أجريناها أنّ أقطاب جامعة أبي بكر بلقايد بتلمسان والأحياء الجامعية التابعة لها هي أكبر بؤر تبذير الخبز نتيجة الطلب الكبير الذي تقدمه مطاعم هذه المؤسسات، والتي أحيانا لا يتطابق مع عدد الطلبة الذين يتغير عددهم دوريا من خلال الغيابات والتحاقهم بمنازلهم، أو من خلال تغيير أنماط غذائهم داخل الجامعة، ما جعل شبكات المتاجرة بالخبز اليابس تتنافس للظفر بهذه المنطقة التي تعد أهم مركز رزق لهم من جهة أخرى لتليها المطاعم والفنادق. ورغم أنّ 30 بالمائة من الخبز المنتج يتم اقتناؤه ولا يتم استهلاكه، لكن ذلك لا يؤثر على حزينة الدولة من الحبوب، حيث أن الإنتاج للسنة الفارطة مكّن الولاية أن تكون في راحة، حيث كشف مدير تعاونية الحبوب الجافة والبقول السيد مزيان جواد أنّ مصالحه أنتجت أكثر من مليون و225 ألف قنطار.