يعتبر موريس أودان من بين المثقفين الفرنسيين بالحزب الشيوعي الذي دافع عن القضية الجزائرية لإيمانه بعدالتها، وبسبب موقفه هذا اختطف وقُتل أثناء تعذيبه من قبل المضليين الفرنسيين، وقد شغلت قضيته المؤرخين السياسيين لأكثر من 55 عاما، حيث روجت المصاد الرسمية الفرنسية لفكرة اختفائه، بعد أن تمكّن من الفرار أثناء نقله من مركز التعذيب بالأبيار، إلى مكان آخر بالقرب من ‘'فري فالون". وقضية موريس اودان أسالت الكثير من الحبر وقد الفت كتب حوله وفيلم وثائقي لفرنسوا ديميرلياك بعنوان "موريس اودان...الاختفاء"، الذي يكشف فيه تزييف الرواية الفرنسية، حيث يتطرق إلى تفاصيل إلقاء القبض على موريس أودان المتعاطف مع الثورة الجزائرية منذ أن ألقي عليه القبض يوم 12 جوان 1957. علما أن زوجته جوزيت أودان راسلت الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي سنة 2011، تطلب منه الكشف عن تفاصيل اغتيال زوجها من قبل الجيش الفرنسي سنة 1957، وإدراج الجريمة ضمن ما أسمته ‘'جريمة ضد الإنسانية"، لأن نضال زوجها ضمن صفوف الحزب الشيوعي الجزائري جاء من قناعاته بأن غياب العدالة عن النظام الاستعماري، هو الذي دفعه للوقوف إلى صف الجزائريين في كفاحهم ضد الاستعمار، فأُلقي عليه القبض هو بصدد التحضير لمناقشة رسالة دكتوراه في الرياضيات بجامعة الجزائر، وكان عمره آنذاك خمسة وعشرون عاما. وأوضحت أن النقيب شاربونيي والرقيب دوفيس هما اللذان عذّبا وقتلا زوجها، كما نشر الكاتب جان شارل دينيو في كتاب "حقيقة موت موريس أودان" اعترافات اللحظات الأخيرة للجنرال بول أوساريس، بطل التعذيب في حرب التحرير الجزائرية، عن حقيقة وفاة المناضل الشيوعي موريس أودان الذي اختفى بعد إلقاء السلطات الفرنسية القبض عليه. وبالمقابل، قدمت شهادات لرفيقه الراحل هنري علاق بخصوص ظروف اعتقاله مؤكدا فيها أنه التقى اودان بمركز التعذيب بالأبيار، فأخبره أن المعاملة كانت قاسية، كما قدّم الأستاذ بيار فيدال- ناكي شهادته بشأن ظروف تأسيس لجنة ‘'أودان''، لتقصّي الحقائق ومعرفة الظروف الحقيقية لاختفاء أودان. وعاد وزير العدل الأسبق بيار بادينتر إلى ظروف المحاكمة التي أفضت سنة 1967 إلى الاعتراف بالقتل، بينما اعترف جنود فرنسيون سابقون بأن التعذيب اتّخذ طابعا مؤسساتيا،وللتذكير أنه بداية العام 2000 كشف أوساريس عن الوسائل والمناهج التي اتبعت في هذه التحقيقات للتعرف على شبكات المقاتلين الجزائريين ومحوها، وسائل تضمنت: الصعق بالكهرباء، إعدامات بالجملة واستخدام ما سمي وقتها "مصل الحقيقة". وقد لاقت هذه الوسائل قبولا وتشجيعا من الجيش الفرنسي نظرا لما حققته من نتائج باهرة في الكشف والإيقاع بالمجاهدين ومخابئ أسلحتهم واحدا تلو الآخر في القصبة، وركزت جهودها على "الحزب الشيوعي الجزائري" وجناحه العسكري الذي اتهمته باريس بمساندة "جبهة التحرير الوطني"، وقضية موريس اودان وتهرب جلاديه من إعطاء الحقيقة، تنم عن حقدهم الدفين لكل من ساند الثورة الجزائرية ووقف في وجهها غير آبهة بمعنى حقوق الإنسان.