دخل أمس الأول اتفاق الجزائر حول تخفيض إنتاج منظمة الأوبيك حيز التطبيق الرسمي بعد قرار الأعضاء سحب 2,2 مليون برميل في اليوم في اجتماعهم الأخير بمدينة وهران في 17 ديسمبر الماضي، وذلك في ثالث خطوة للمنظمة للتأثير على أسعار النفط التي أنهت تعاملاتها في السنة الماضية بتراجع حاد في الأسواق النفطية الدولية. وقد يكون من السابق لأوانه ربط مستوى الأسعار الحالي بدخول قرار الخفض حيز التطبيق الرسمي، ذلك لأن التأثير المنتظر حدوثه لن تبرز آثاره إلا بعد مضي بعض الوقت، قد يمتد إلى أسابيع أخرى، بالنظر إلى التباطؤ الذي ميز الأعضاء، ولا سيما المنتجين الكبار في المنطقة في تنفيذ قرارات أوبيك، والتجارب السابقة خير دليل على ذلك. قرار أوبيك الذي دخل حيز التنفيذ يوم الخميس الماضي المصادف لمطلع السنة الجديدة يعد الثالث من نوعه الذي تتخذه المنظمة لوقف انهيار الأسعار من 147 دولارا في منتصف القرن الماضي الى 33 دولارا فقط في النصف الثاني من الشهر الماضي حيث سبق لأوبيك وأن أقرت خفضا قليلا ناهز 500 ألف برميل لم يكن كافيا لوقف تراجع الأسعار آنذاك ليليه قرار ثان في أكتوبر الماضي ب 1,5 مليون ب/ي، ثم قرار ثالث وأخير للعام الماضي ب 2,2 مليون ب/ي وإجمالا فقد اتفق الأعضاء على سحب 4,2 مليون ب/ي لإعادة التوازن في الأسعار والهدف هو بلوغ مستويات تتراوح ما بين 70 إلى 80 دولارا للبرميل في المرحلة القادمة. غير أنه في الوقت الراهن يبدو أن بلوغ هذا الهدف يبقى بعيدا في ظل ظروف الإقتصاد العالمي الذي تحاول عدة جهات إعادة بعثه من جديد بعد شبه كساد عام مس أهم الدول المتقدمة ووسط توقعات تميل نحو التشاؤم على الأقل بالنسبة للسنة الجارية التي يتنبىء لها بتراجع الطلب على النفط بما لا يقل عن 1,5 مليون ب/ي. وفي أسواق النفط الراهنة، فإن الأسعار تتأرجح وتأبى أن تستقر عند حدود معينة، وهي الحالة التي ميزتها منذ أسابيع طويلة مضت، وفي كل مرة ينجذب التأرجح نحو الإنخفاض على الرغم من التحسن النسبي الطفيف الذي يوجد عليه في الوقت الراهن، فوق مستوى 40 دولارا عموما، ويوم أمس سجلت أسعار النفط مستوى يفوق 42 دولارا بالنسبة لخام البرنت وحوالي 42 دولارا أيضا بالنسبة للخفيف الأمريكي، ونفس السيناريو تقريبا أي ارتفاع طفيف ثم انخفاض مماثل أو بأكثر لتبقى الأسعار في بداية العام الجاري تتأرجح في حدود 40 دولارا في المتوسط، الأمر الذي دفع بوزير الطاقة والمناجم السيد شكيب خليل إلى الإعتقاد بأن الأسعار ستستقر عند دخول اتفاق الجزائر حيز التنفيذ الفعلي أي باحترام الدول الأعضاء لحصص الخفض المقررة لها في مختلف قرارات الخفض بدءا من الاتفاق ما قبل الأخير الى الاتفاق الاخير، لأن أي تقاعس عن الالتزام بالاتفاق العام حول تخفيض الكمية الإجمالية سيؤدي بدون شك إلى انهيارات أخرى في الأسعار قد تكون هذه المرة كارثية على اقتصاديات دول أوبيك بالدرجة الأولى. ------------------------------------------------------------------------