تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص في باريس مساء السبت، رافعين لافتات تطالب بالوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على غزة، ورددوا شعارات تندد بالموقف الرسمي الفرنسي من الهجوم الذي وصفه المحتجون بالمنحاز والمتواطئ مع المحتل. ودعا المشاركون في المظاهرة باريس وأوروبا إلى اتخاذ عقوبات سريعة ضد تل أبيب وعدم الاكتفاء بالإدانة اللفظية لجرائمها. وانطلقت المسيرة من ساحة الجمهورية وسط العاصمة وجابت شوارع رئيسية بالمدينة، قبل أن توقفها قوات الأمن في ساحة القديس أوغستين على بعد أربعمائة متر من السفارة الإسرائيلية بباريس. وشارك بالمسيرة حوالي 25 ألف شخص تتقدمهم زعيمة الحزب الشيوعي ماري جورج بوفيه ورئيس حزب الرابطة الشيوعية الثورية أوليفيه بيزانسنو وداعية حقوق الإنسان المعروف ستيفان هيسل، بالإضافة إلى قادة نقابيين محليين وأعضاء في البرلمان . وردد المحتجون عبر مكبرات الصوت شعارات مساندة لحركة حماس ولكفاح شعب فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي. ووصف المتظاهرون تل أبيب بأنها ''كيان إرهابي''. معتبرين أن موقف السلطات الفرنسية متواطئ مع العدوان الحالي على غزة، كما حملوا نعوشا تنعى الأممالمتحدة والخطاب الغربي بشأن الدفاع عن حقوق الإنسان. وقال زعيم الرابطة الشيوعية الثورية: إن الهجوم على القطاع أظهر نفاق المجتمع الدولي في أقبح تجلياته، مستنكرا بشدة إحباط الدول الكبرى لأي محاولة لإصدار قرار ملزم من مجلس الأمن الدولي يرغم إسرائيل على وقف العمليات العسكرية. واعتبر القيادي اليساري أن موقف الرئيس نيكولا ساركوزي منحاز ومتواطئ مع حكومة تل أبيب. مشددا على مشاركة الفرنسيين الكثيفة في المسيرة يدل على أن الكثيرين من أبناء هذا البلد لا يتفقون مع قادتنا الذين احتفوا منذ أيام بوزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني. ووصف عضو مجلس الشيوخ جاك راليت موقف حكومة بلاده بالجبان، مؤكدا أن ساركوزي شجع الإسرائيليين على هذا العدوان عندما فرض على الاتحاد الأوروبي منذ أسابيع رفع مستوى تعاونه مع تل أبيب في وقت تتزايد فيه عمليات الاستيطان والقمع ضد الفلسطينيين. وطالب البرلماني الاتحاد الأوروبي بالمبادرة إلى اتخاذ عقوبات سياسية واقتصادية ضد إسرائيل، معتبرا أن العقوبات وحدها هي الكفيلة بوقف العدوان الجاري . أما داعية حقوق الإنسان المعروف ستيفان هيسل (93 عاما )، فندد بما أسماه الصمت المخزي للعواصم الغربية الكبرى، إزاء المذابح التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة. مشددا على أن تخاذل المجتمع الدولي في فرض تطبيق قرارات الشرعية الدولية على إسرائيل هو الذي أدى إلى استمرار الاحتلال للأراضي الفلسطينية وبالتالي إلى الوضع الحالي. ورأى هيسيل أن الهجوم الإسرائيلي ستكون له نتائج عكسية، موضحا أنه سيقوي وضع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الساحة السياسية الفلسطينية. كما سيجعل مكانة إسرائيل بالمنطقة أكثر هشاشة على الأمد الطويل . من جانبها، اعتبرت الزعيمة النقابية آنيك كوبي أن المسيرة التي دعت لها أحزاب يسارية ونقابات عمالية وجمعيات محلية تشكل لحظة فارقة في تاريخ النضال الفرنسي المساند لتحرير فلسطين. مؤكدة إن عدد المشاركين فيها وانتماءهم إلى مختلف مكونات المجتمع الفرنسي يدل على حدوث صحوة ضمير حقيقية في هذا البلد ضد الظلم الذي تمارسه إسرائيل في فلسطين منذ أكثر من ستين عاما.