تظاهر آلاف الأشخاص في العاصمة الفرنسية باريس أول أمس، رافعين شعارات تستنكر الاعتداء الإسرائيلي على سفن أسطول الحرية التي كانت تقل مساعدات إنسانية لسكان قطاع غزة المحاصر. وردد المتظاهرون هتافات تطالب بإنهاء حصار القطاع وفرض عقوبات دولية على إسرائيل لإرغامها على الانسحاب من كافة الأراضي العربية التي تحتلها منذ العام 1967. وانطلقت المسيرة من ساحة الباستيل الواقعة في قلب باريس وجابت شوارع كبرى في المدينة، قبل أن تنفض في ميدان ليزانفاليد المحاذي لمقر وزارة الخارجية الفرنسية. وشارك في المظاهرة التي دعت إليها عشرات الجمعيات الأهلية، قياديون في أحزاب اليسار الفرنسي وممثلون عن أهم النقابات المحلية. ورفع المحتجون الأعلام الفلسطينية والتركية، ورددوا عبر مكبرات الصوت هتافات تشجب ما أسمته القرصنة وإرهاب الدولة اللذين ارتكبتهما إسرائيل بحق أسطول الحرية فجر الاثنين الماضي. كما رفع المشاركون في المسيرة لافتات كبيرة تطالب بالرفع الفوري للحصار الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ جوان 2007. وانتقد المتظاهرون ازدواجية الموقف الفرنسي الرسمي من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، متهمين الرئيس نيكولا ساركوزي "بالتواطؤ" مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وقال الناطق باسم الحزب الجديد المناهض للرأسمالية أوليفييه بيزانسنو أن حجم المسيرة يظهر أن هناك بونا شاسعا بين قطاعات عريضة من الشعب الفرنسي وحكام البلاد، منتقدا بحدة ما أسماها الحفاوة التي استقبل بها ساركوزي نتنياهو في قصر الإليزي بوم 27 ماي الماضي. وأوضح بيزانسنو أن ذلك الاستقبال وقبول عضوية إسرائيل في اليوم نفسه بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التي تضم البلدان الأكثر تقدما، قد يكون أعطى الانطباع لرئيس الحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل بأن ما يسمى المجتمع الدولي لن يسائله عن أي فعلة يرتكبها في حق الفلسطينيين أو في حق غيرهم. وفي نفس السياق طالبت القيادية في الاتحاد النقابي "متضامنون" آنيك كوبيه فرنسا والاتحاد الأوروبي باتخاذ عقوبات دبلوماسية واقتصادية ضد إسرائيل لدفعها إلى رفع الحصار عن غزة، وإنهاء احتلالها للضفة والقطاع، وإرغامها على وضع حد لآلام الشعب الفلسطيني التي تستمر منذ أكثر من ستة عقود. أما منسق الحزب الشيوعي الفرنسي بيار لوران فأكد أن المشاركة الشعبية الكبيرة في هذه المسيرة تظهر أن العدوان على أسطول الحرية شكل صدمة حقيقية لأغلبية واسعة من الفرنسيين. ورأى السياسي الفرنسي أن المتظاهرين يريدون إيصال رسالة واضحة لساسة فرنسا والدول الغربية مفادها أن عليهم أن يدفعوا سلطات تل أبيب إلى رفع الحصار الظالم عن غزة فورا. وأضاف لوران أن الضغط الدولي يجب أن يهدف بعد ذلك إلى إطلاق مفاوضات سلام جدية تفضي إلى إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة. وتبنى نفس الطرح رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في فرنسا فؤاد العلوي الذي رأى أن الهجوم الدموي على أسطول الحرية ما كان ليحدث لو أن مرتكبيه كانوا يخافون المساءلة والعقاب. وقال العلوي "آن الأوان للدول الغربية أن تكف عن غض الطرف عن إسرائيل التي تعرى وجهها الحقيقي القبيح أمام أنظام العالم -مرة أخرى- بفضل شجاعة وتضحيات المشاركين في أسطول الحرية".