فقدنا شهيدين جراء تهدم منزلنا برفح ونحظى برعاية صحية مثالية في وطننا الجزائر يتحدث الجميع اليوم، عن أعداد الشهداء الذين تحصدهم آلة الإجرام الصهيوني، وتضيع بين أرقامهم المتصاعدة أعداد المصابين جسديا والمصدومين نفسيا والذين فقدوا المأوى ومصدر الرزق وأصبحوا هائمين على وجوههم يبحثون عن مكان آمن دون جدوى. ومثلما عجزت غزة عن دفن شهدائها، فهي تواجه معضلة حقيقية لعلاج الجرحى لكثرتهم ولشحّ الإمكانات، الأمر الذي استلزم نقل الكثير من ضحايا المذبحة الإسرائيلية إلى بلدان عربية سارعت إلى تقديم يد المساعدة للفلسطينيين وإجلاء رعاياها لإنقاذهم من الإبادة ولمداواة جراحهم البدنية والنفسية. وكانت الجزائر سبّاقة لإغاثة رعاياها وإجلائهم من القطاع الملتهب، كما وفّرت كل الإمكانات لعلاج المصابين منهم. «الشعب» وقفت على الرعاية الهامة التي حظي بها الجزائريون الذين طالتهم الوحشية الصهيونية في أبدانهم وذلك من خلال زيارة عائلة عبد الجبار دراجي، التي كانت تقطن بمدينة رفح، جنوبغزة، والمتواجد بعض أفرادها في مستشفى مصطفى باشا بالجزائر العاصمة والبعض الآخر في مستشفى الدويرة لخطورة إصاباتهم. كل التفاصيل في هذا الاستطلاع الميداني... عند حديثه ل«الشعب» قال عبد الجبار دراجي المتواجد بمستشفى مصطفى باشا: «لقد تم نقل عائلتي المكونة من 11 فردا إلى الجزائر بعد استهداف منزلنا بقطاع غزة والذي دمّر بالكامل فوق رؤوسنا، ما أدى إلى استشهاد فردين من العائلة.. تدمير المنزل تم دون سابق إنذار بصاروخين، لنتعرض لما تعرض له الشعب الفلسطينيبغزة لعملية عسكرية صهيونية كبيرة وذلك بشنّ آلاف الغارات الجوية والبرية والبحرية عليه، هجمة وعدوان شرس أدى إلى كارثة إنسانية. « وعن تواجده بالجزائر قال دراجي: «نشكر السفير الجزائري بالقاهرة لما بذله من مجهودات، لقد جئنا إلى بلدنا عبر السفارة الجزائرية هناك. بذل سفيرنا مجهودا كبيرا لإيصال عائلتي المتضررة للعلاج بمستشفى مصطفى باشا والتكفل الطبي من طرف الحكومة». وأضاف دراجي: «جزء من العائلة، 9 أفراد متواجدون بمستشفى باشا والباقي يرقدون بمستشفى الدويرة المتخصص في علاج الحروق، والدولة لم تدّخر جهدا أو إمكانات لعلاجنا». «عبّر دراجي من خلال الحوار مع «الشعب»، عن اعتزازه بأصوله الجزائرية وقال: «نحن في الأصل جزائريون ولدنا وترعرعنا بغزة، شاركنا إخواننا الفلسطينيين الأحزان والأفراح، تزوجت بالقطاع، إلا أن هذا العدوان أفقدنا أعزّ ما نملك باستشهاد نجاح سعد الدين والطفل عبد الله يوسف عبد الجبار، إثر قصف المنزل من قبل طائرات العدو الصهيوني». ويضيف محدثنا «الدم الجزائري يختلط بالدم الفلسطيني». كما تحدث عبد الجبار عن حالة عائلته الصحية قائلا: «أفراد العائلة أصيبوا بجروح خطيرة وهم تحت الرعاية الطبية، وذكر بأن يوسف والد الطفل الشهيد عبد الله الذي كان قد أصيب في حرب 2008 وفقد البصر، تعرض هذه المرة إلى جروح بليغة في قدمه ورأسه وظهره، فيما تعرض باقي أفراد العائلة لإصابات متفاوتة، وخضع منذ يومين الرضيع إبن خليل، لعملية جراحية على مستوى العين بعد تلقيه شظايا أثناء قصف منزلنا بغزة. أما بالنسبة للطفل محمد فإصابته خفيفة». وشدد محدثنا على أن كل العائلة تعاني من مشاكل بالسمع، إذ أننا لا نسمع جيدا من شدة الانفجار والحدث الذي عشناه كان قاسيا وصعبا وأثر نفسيا على الجميع. فيما تحدث عن مريم المتواجدة بمستشفى الدويرة، المتخصص في الحروق، قائلا: «إن مريم كانت متواجدة بالمنزل وإصابتها بالقدم اليمنى خطيرة جدا وهي تحت الرعاية الطبية». واستغل عبد الجبار المناسبة، ليشكر كل من ساهم في تقديم المساعدة الطبية لعائلته وقبل ذلك كل من ساعد على إجلائها، وخصّ بالذكر السفير الجزائري بمصر والرئيس عبد العزيز بوتفليقة في المقدمة، الذي مكّنهم من العودة والعلاج على نفقة الدولة، خاصة وأنهم لم يدخلوا الجزائر من قبل. وقال: «نحن الآن متواجدون بالجزائر وقدموا لنا كل الرعاية والاهتمام، شعب مقدام ومضحي والآن اختلط الدم الجزائري بالدم الفلسطيني بفقد أعز ما لدينا واستشهاد نجاح سعد الدين والطفل عبد الله يوسف عبد الجبار 3 سنوات». وفي حديثه عن الإقامة قال إنهم ترعرعوا بقطاع غزة وإقامتهم وجيزة ودعا الجميع لمساندتهم لإعادة بناء منزلهم المدمر، وعبّر عن أمله في إيجاد سكن أو مساعدة لتوفير منزل بالجزائر لاستكمال العلاج فهم - كما أضاف - متواجدون بالمستشفى حاليا وليس لديهم إقامة. فقد بصره في عدوان 2008 واليوم يفقد والدته وابنه وفي ذات السياق تحدثت «الشعب» مع والد الشهيد عبد الله يوسف دراجي، الذي قال: «نحن جزائريون قاطنون بغزة، هاجرت عائلتنا منذ أيام الأمير عبد القادر إلى بلاد الشام، ثم إلى فلسطين واستقر بنا المطاف في غزة التي ولد بها والدي. وحاليا نحن متواجدون بالجزائر جراء القصف الهمجي على غزة واستهداف المدنيين وتدمير منزلنا المكون من 3 طوابق والمتواجد بحي الجنينة برفح جنوب القطاع. والمنزل كان فيه مدنيون من أطفال ونساء وأنا مصاب حاليا وفاقد للبصر». وواصل يوسف دراجي حديثه وهو يروي قصة استشهاد والدته والطفل عبد الله وكيف تم نقلهم للجزائر، قائلا: «استشهدت الوالدة والطفل عبد الله جراء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، تعرضنا لإصابات حرجة وتم نقلنا للمستشفيات الفلسطينية أين تم التواصل مع سفارة الجزائر بالقاهرة، و تم إجلاؤنا عبر معبر رفح واتجهنا للقاهرة ومنها للجزائر الى مستشفى مصطفى». وبخصوص الاصابات، قال يوسف دراجي: «الوالد 54 سنة مريض بالسكري، تعرض لجروح في أنحاء الجسم. وأنا يوسف دراجي أصبت بالقدم، إضافة إلى ابني الشهيد والوالدة الشهيدة، وحاليا كلنا متواجدون بمستشفى مصطفى باشا، 9 أفراد من العائلة، وبنتان مريم مصابة بجروح خطيرة بالقدم اليمنى وزهراء مصابة بالأذن بمستشفى الدويرة بذلك نكون 11 نفرا من عائلة دراجي بالجزائر. السيدة كفاح أم الطفل الشهيد عبد الله تروي المأساة كانت لجريدة «الشعب» حديث مع زوجة يوسف جبار السيدة كفاح، أم الشهيد عبد الله، التي قالت: «الحرب كانت دائرة من أول يوم برمضان، الخوف مستمر جراء القصف المتتالي، الموت ينتظرنا في أي لحظة، وقت تدمير المنزل كنت واقفة بالمطبخ وابني كان يلعب في الخارج وكان الجميع جالسا بالصالة، لغاية القصف لم أفهم ما الذي حدث خرجت أبحث عن أولادي لديّ ولدان: بنت وولد، لم أجد وقتها ابني طلعت سارعت لأبحث عنه بالطابق السفلي، فوجدت والدة زوجي مستشهدة أمام الباب، بقيت أبحث عن ابني، غبار كثيف، لم أفهم ما الذي حدث له، صرخت أطلب النجدة، سمع الناس صراخي، فأخرج أحد الجيران الولد الصغير مقطوع الرأس، عبد الله وجد تحت الركام وقتها ركبنا في الإسعاف باتجاه المستشفى..». وعن تواجدها بالجزائر، تقول: «استقبلونا أحسن استقبال لما غادرنا غزة ودخلنا مصر باتجاه الجزائر وبالمستشفى ما تركونا نحتاج شيئ ونعم الناس بالجزائر». كما أضافت قائلة: «كوني حاملاً بالشهر الثاني وضغوطات نفسية جراء هذا القصف الهمجي، نقول حسبي الله ونعم الوكيل، وإصابتي خفيفة، جروح بسيطة بالظهر مقارنة بباقي أفراد العائلة».