إن الأوضاع التي تعيشها ليبيا من استفحال ظاهرة العنف و اقتتال بين مختلف الميليشيات من جهة و قوات اللواء المتقاعد خليفة التي أدت إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين في مدينة بنغازي على وجه الخصوص عوامل جعلت ليبيا تتحوّل إلى مصدر قلق للمجتمع الدولي ولدول الجوار على وجه الخصوص التي أصبحت تخشى من ان تتحول ليبيا إلى برميل بارود يأتي على المنطقة بأكملها وأمام هذا الوضع ازدادت الدعوات إلى اعتماد حوار ليبي بيني من شأنه إبطال مفعول هذه القنبلة الموقوتة، أمام تأكد قناعة أن الحل الوحيد لهذه المعضلة هو هذا الحوار الموعود. أجمعت خمس دول كبرى و هي الولاياتالمتحدةالأمريكية و بريطانيا و كل من فرنسا،ألمانيا و ايطاليا على استبعاد الحل العسكري تماما في حل الأزمة الليبية و طالبت أطراف هذه الأزمة بالكف الفوري عن الاقتتال و الاستجابة لدعوات وقف إطلاق النار ،مهددة إياهم باللجوء إلى فرض عقوبات لإجبارهم على الاستجابة لنداءات التعقل و الحكمة، كما اتهمت هذه الدول بعض الأطراف بتهديد سلام ليبيا و استقرارها إلى الخطر و بعرقلة العملية السياسية الجارية و أضافت هذه الدول التي يوجد من ضمنها ثلاثة لها العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي و هي — كما هو معروف- الولاياتالمتحدة،فرنسا و بريطانيا و تمتلك جميعها حق الفيتو فيه ما يعني أنها قادرة على تنفيذ تهديداتها من ناحية كما أنها قادرة بالمقابل على ممارسة الضغط على من تخلف الأطراف الليبية لدفعه إلى التعجيل بالالتحاق بقاطرة الحوار التي أبدت الجزائر عن نيتها في احتضانه بل و تحضر اللمسات الأخيرة لذلك لتجنيب الشعب الليبي ويلات حرب أهلية لا تبقي و لا تذر تريد أطراف أن تشعلها بكل الطرق و أطراف خارجية أخرى تتربص بهذا البلد لتتدخل فيه عسكريا لإنهاء – على حد زعمها - هذه الأزمة في حين أثبت التدخل العسكري الأجنبي فشله في إنهاء الأزمات بل إن الوضع الذي تعيشه ليبيا منذ ثلاثة سنوات كان سببه المباشر هذا التدخل الأجنبي الأطلسي في إطار اللائحة الاممية 13/73 و التي يعرف الجميع أنها استغلت لاستهداف مباشر لمؤسسات الدولة الليبية و رموزها في حين إنها كانت تنص فقط على إقامة منطقة حظر جوي "لحماية المدنيين الليبيين". الدول الخمسة في بيانها المشترك ليوم أمس أدانت الجرائم التي ترتكبها جماعة "أنصار الشريعة" المصنفة إرهابية من طرف الولاياتالمتحدةالأمريكية ، كما أبدت قلقها من العمليات التي يقودها اللواء خليفة حفتر معتبرة أن ذلك من اختصاص قوات مسلحة نظامية تابعة لسلطة مركزية. الأكيد انه لم يعد هناك شك أن الحل الوحيد للازمة الليبية يمر عبر حوار بيني ليبي شامل لأنه الوحيد الذي يمكنه أن يؤدي إلى مصالحة في العمق تنهي الترسبات و الأحقاد في بلد له تركيبة اجتماعية خاصة و حساسة تلعب فيه القبيلة دورا مركزيا.