في ظل تحديات المنافسة الشّرسة للآلة الإنتاجية الأجنبية والابتكارات ذات التقنيات الحديثة والجد متطوّرة، تتطلّع المؤسسة الاقتصادية الجزائرية الخاصة على غرار العمومية إلى احتلال مكانتها المفترضة، وتبوّأ موقع يؤهّلها لإنتاج الثروة واستحداث مناصب الشغل، والمساهمة بشكل محسوس في رفع سقف الصّادرات الذي من شأنه أن يحرّر الاقتصاد من التبعية لقطاع المحروقات، علما أنّ الجزائر حسب آخر الإحصائيات سجّلت خلال سنة 2014 فتح ما لا يقل عن 430 مؤسسة صغيرة ومتوسطة وخلق 990 ألف منصب دائم بفضل مختلف آليات التشغيل، ممّا ساهم في التقليص من حدة البطالة إلى أقل من 10 بالمائة. ترى ما هو دور المؤسّسة الخاصة في المرحلة المقبلة؟ وهل هي قادرة على رفع التحدي التنموي بطرح بدائل إنتاجية منافسة في الأسواق الدولية؟ وما هي الصّعوبات التي مازالت تعرقل الإقلاع الاقتصادي، والسير نحو تنويع الاقتصاد الوطني؟ رئيس اتحاد المقاولين العموميّين: مدّ الجسور مع قطاع البحث العلمي
يرى مصطفى مرزوق، رئيس الاتحاد الوطني للمقاولين العموميين، أنّ التحدي الكبير يكمن في معركة تنويع الاقتصاد الوطني، الذي لن يتحقق من دون ترقية للاستثمار الذي يحتاج إلى المزيد من التسهيلات، ودعا إلى ضرورة تحرير المؤسسة، والانفتاح بشكل أكبر على الاستثمار لأصحاب المشاريع الطموحة وللذين لديهم الإمكانيات وكذا مد الجسور مع قطاع البحث العلمي. ذكر مرزوق أنّه في الجزائر لا يمكن الفصل بين مؤسسة تابعة للقطاع العام وأخرى تابعة لنظيره الخاص، على اعتبار أنّ المؤسسة الإنتاجية تلتقي في مساهمتها في التنمية الوطنية، وتسهر على خلق الثروة وتعكف على امتصاص البطالة. وقال أنّه من الضروري تقوية الاستثمار الذي سيكثف من نسيج المؤسسات والرفع من تنافسية الإنتاج الوطني، والتقليص من فاتورة الاستيراد والتحرر من التبعية الاقتصادية لقطاع المحروقات. ورغم إشارته أنّ المؤسسة العمومية تملك الخبرة ولديها استراتيجية تنموية مسطّرة وواضحة، إلاّ أنّه شدّد على ضرورة استحداث نسيج معتبر من المؤسسات الصغيرة الخاصة، خاصة تلك النّاشطة في مجال المناولة في عدة قطاعات على غرار الميكانيكا والكيمياء، ولفت الانتباه في سياق متّصل إلى وجود عدة منتجات لا تصنع إلاّ من طرف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومن خلال تشخيصه لواقع المؤسسة الجزائرية، شدّد مرزوق على ترقيتها وتطويرها وانفتاحها نحو الشراكة من خلال تحريرها ومساعدة الشباب على استحداث مؤسساتهم، وتشجيعهم على ولوج عالم الاستثمار المنتج الذي يكون قائما على المعرفة ويستعين بالبحث العلمي، في ظل وجود تسهيلات بنكية للتمويل بالقروض، وكون الجزائر لا يمكنها الانفصال عن تداعيات الاقتصاد المعولم، لأنّ لديها اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي وأخرى مع منطقة التبادل الحر العربية، وقريبا مع المنظّمة العالمية للتجارة، لذا المؤسسة مطالبة أن تقفز إلى مستوى النجاعة من حيث جودة المنتوج وتنافسية الأسعار ولا مفر من ذلك. ممثل الاتحاد العام للعمال الجزائريين: ضرورة الاستجابة للمعايير واحترام القوانين
اعتبر تلي عاشور أمين، وطني بالاتحاد العام للعمال الجزائريين، أنّه لا فرق بين مؤسسة عمومية وأخرى خاصة في مجال ترقية الاستثمار، وخلق الثروة واستحداث مناصب الشغل. وأوضح في سياق متّصل أنّهم يحرصون على تشجيع المؤسسة الخاصة لأنّها قادرة على تحقيق الرفاهية والتنويع من مصادر الاقتصاد الوطني في إطار احترامها للقوانين السارية.وحول أداء المؤسسة الخاصة على أرض الواقع، يرى تلي القيادي بالمركزية النقابية أنّه تمّ تسجيل نجاح العديد من المؤسسات الخاصة في تطوير آلاتها الإنتاجية، وفرض نفسها في السوق، وفوق كل ذلك تستجيب لقوانين عالم الشغل، خاصة تلك التي تتعلق بالاتفاقيات الجماعية وتحترم الحوار وتقحم العمال في ذلك، وتحرص على تطبيق ما جاء في لقاءات الثلاثية، وطبّقت إجراء الزيادة في أجور العمال، لكن هذا لا يمنع وجود مؤسسات خاصة لا تطبق القانون، لذا نغتنم الفرصة كشريك اجتماعي لندعو المؤسسات الخاصة أن تستجيب للمعايير وتطبق القانون. وتحدّث تلي عن مقترحات المركزية النّقابية، والتي تصبّ في مجملها حول تطوير وتعزيز أدوات الإنتاج، وتهيئة مناخ الأعمال وتحديث أداء المؤسسة الجزائرية، سواء كانت عمومية أو خاصة من خلال طرح 25 مقترح محسوس على طاولة الثلاثية الأخيرة، ولا ينقص حسب تلي سوى مضاعفة الجهود واندماج جميع القوى الإنتاجية الفاعلة في المعركة التنموية، وحتى البنوك، ورغم ما عرفته من تحديث، مطالبة بالمزيد من الانفتاح على المؤسسات والاتسام بالمرونة. نائب رئيس الكنفدرالية : الوطنية للبناء والأشغال العمومية إرساء المزيد من التّحفيزات البنكية
ومن جهته، بن عباس نائب رئيس الكنفدرالية الوطنية للبناء والأشغال العمومية، ورغم تثمينه لتكليف لأول مرة لجنة منبثقة عن قمة الثلاثية تضم جميع الشركاء من قطاع خاص وعمومي وشريك اجتماعي واقتصادي وكذا الحكومة، للمراقبة مع الخبراء مدى تجسيد الالتزامات المتفق عليه والمتمثلة في تجسيد البرنامج الخماسي المقبل خاصة ما تعلق بتحسين نسبة النمو بالنظر إلى الطاقات البشرية والمادية التي تتوفر عليها الجزائر، وتحدي خلق الثروة وامتصاص البطالة، لكن اليوم ولا يخفى أن المشكل والصعوبات التي تتخبّط فيها المؤسسة الخاصة التي تنشط في قطاع البناء والأشغال العمومية تتمثل في التمويل، كون البنوك ترفض المخاطرة بتمويل هذا النوع من المؤسسات، لذا مازالت الجزائر لكي تطور المؤسسة الخاصة، يجب عليها أن تسرع بتكريس المزيد من الإصلاحات البنكية، وتحديث المنظومة المصرفية، وبخصوص ما تضمنه قانون المالية للسنة المقبلة من تسهيلات يعتقد رئيس الكنفدرالية الوطنية للبناء والأشغال العمومية أنه نص على المزيد من التسهيلات التي تصب في تشجيع الاستثمار الأجنبي في الجزائر، لكنه لم يتضمن تسهيلات بنكية. ومن المطالب التي ترفعها هذه الكنفدرالية بهدف تطوير أداء المؤسسة الخاصة وتفعيل دورها في الإنتاج القضاء على العراقيل البيروقراطية. رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل: تكثيف النّسيج المؤسّساتي ومدّه بالتّسهيلات
ومن بين التحديات الكبرى التي تواجه الجزائر في الخماسية المقبلة، استحداث ما لا يقل عن 1.5 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة وكبرى، تكون عمومية وخاصة، هذا ما أكّد عليه محند السعيد نايت عبد العزيز رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين، وقال أنّ المخطط الخماسي المقبل 2015 2019 يعد خريطة طريق جلية ترتكز على تنويع مصادر الاقتصاد الوطني، الذي من شأنه أن ينعش الإنتاج ويرفع نسبة النمو. وينتظر من القطاع الخاص أن يساهم بقوة وفعالية في ذلك، من خلال الاستفادة من الدعم المالي والإجراءات. وكذا النصوص التشريعية التي تسهل وتشجع تقدم المؤسسة. واعترف نايت عبد العزيز أنّ الجزائر توجد في مرحلة تواجه فيها مشكل ارتفاع فاتورة الواردات بشكل مقلق، ولا حل دون تكريس المزيد من التسهيلات للمؤسسة وتطهير مناخ الأعمال، كون الرهان في المخطط الخماسي المقبل حدّد ببلوغ نسبة 7 بالمائة من النمو. واستعرض خطوات إيداع العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي لدى المكتب الدولي للعمل، والذي يضمّ التزامات الحكومة والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين والقطاعين العمومي والخاص في إعادة الاعتبار للاقتصاد الوطني، ويعد عقدا نموذجيا ورائدا، وما ينقص حسب تقدير نايت عبد العزيز تهيئة المناخ لتكريس النمو المطلوب والذي اتفق عليه الفاعلين، لأن ذلك النجاح تحققه المؤسسة في ظل وجود بعض المؤسسات التي تعرف عجزا، وحسب الإحصائيات التي قدّمها رئيس الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين أنه سجل في سنة 2012 إحصاء 765 ألف مؤسسة عبر كامل التراب الوطني من القطاعين العمومي والخاص والصغيرة والمتوسطة، من بينها 550 ألف مؤسسة ذات طابع تجاري، أما أزيد من 200 ألف مؤسسة فقط ذات طابع إنتاجي، واعتبر ذلك بالضئيل، لذا الأمر يقتضي الكثير من الجدية والحرص لبلوغ استحداث 1.5 مؤسسة بجميع الأنواع لتكثيف النسيج الإنتاجي ومده بالتسهيلات اللازمة. رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل: تكريس الثّقة واستغلال طاقات الشّباب
وصف بوعلام مراكش رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل القطاع الخاص بالقوة المنتجة التي من شأنها أن ترفع من سقف نسبة النمو، وذكر أن هذا القطاع الذي يعرف تشجيعا لديه حصة معتبرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وأثنى في سياق متصل على العدد الهائل من الشباب المتخرج سنويا من الجامعات، والذي حسبه يجب استغلال طاقته عن طريق تشجيعه وإقحامه في استحداث نسيج صناعي يرتكز على العلم والمعرفة وكذا الابتكار، لكن مراكش شدّد بالموازاة مع ذلك على إرساء رقابة فعلية لتعزيز الأداء وضمان حصيلة جيدة تعود بالإيجاب على الاقتصاد الوطني، كون الجزائر تختلف عن الدول المجاورة ولديها إمكانيات مضاعفة العشرات من المرات لكن ينقصها الإقلاع الحقيقي. ويقترح رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل إرساء الثقة في القطاع الخاصة كأولوية من الأولويات، في ظل التقدم الذي بدأت تحققه مؤسسات القطاع الخاص، ويرى أنه لا يمكن معاقبة المسير قبل أن يخطأ، معتبرا أنّ التسيير قادر على دفع قوة الإنتاج، وأسرار النجاح حسب تقديره، تكمن في القدرة على المخاطرة، وراهن على انفتاح المؤسسة أمام سيطرة العولمة في الوقت الراهن، وعدم الاعتماد على الدولة بشكلي كلي في تسيير وتنويع الاقتصاد، لأنه مسؤولية جميع الطاقات وكل الفاعلين، وكذا الانفتاح على التكنولوجيا وممارسةالرقابة والمحاسبة على الأداء عن طريق تقديم الحصيلة الدورية من أجل السير في الطريق الصحيح لبلوغ مستوى اقتصاد قوي.