تستهدف أيادي الإرهاب الأسرة الإعلامية مرة أخرى عبر الاعتداء الذي نفذه منتصف نهار أمس رجلان ملثمان استهدفا مقر الأسبوعية الفرنسية الهزلية شارلي ايبدو. حصيلة الهجوم كانت ثقيلة فقد قضى 12 عشر شخصا من بينهم 4 رسامين كاريكاتير وصحفي واحد على الأقل يشتغلون في هيئة تحرير هذه المجلة المعروفة بجرأتها الكبيرة في التطرق للعديد من المواضيع المتعلقة بالأقليات الدينية والثقافية...الخ في فرنسا وفي العالم أحدثت الكثير من الجدل ومن ردود الأفعال حول صور ومواضيع حملت الكثير من الإساءة الى رموز ومقدسات بعض الديانات سيما تلك الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام. وإن كان ليس هناك ما يبرر الإساءة إلى الديانات السماوية وإلى الأقليات والطوائف والتعرض لها بالسخرية والاستهتار تحت مسمى حرية التعبير، فانه وبالمقابل ليس هناك ما يبرر اللجوء إلى إرهاب الناس ونشر الذعر أو الاعتداء على صحافي أو قتل رسام كاريكاتير لمجرد أنه نشر ما يسيء عن قصد أو جهل، كما أنه ليس هناك ما يشفع لقتل أي إنسان أي كان مهما كان دينه، لغته أو لونه ...الخ. إن الاعتداء الإرهابي الذي شهدته العاصمة الفرنسية، أمس، والذي لم تعرف أسبابه ولا دوافعه بعد وفي انتظار ما تسفر عنه التحقيقات، يكشف معضلة حقيقية تعيشها فرنسا وكل أوروبا وهو انتشار وسيطرة فكر اللاتسامح وعدم القبول بالآخر بشكل مخيف خاصة بعد تصاعد التيارات اليمينية المتطرفة وحصولها على نتائج معتبرة في الانتخابات التي شهدتها العديد من الدول الأوربية السنوات الأخيرة وازدهار الفكر المعادي للأجانب وللهجرة. ويكفي أن موجة الاعتداءات التي شهدتها بعض المساجد في السويد الأسابيع الأخيرة وهو بلد كان يعتبر إلى زمن غير بعيد أحد أكبر قلاع التسامح والقبول بالآخر في أوربا- يكفي ذلك لدق ناقوس الخطر على مستقبل التعايش الذي يهدده شذّاذ الاسلاموفوبيا الذين يحاولون الاستثمار في بعض التصرفات المعزولة والفردية والصاقها بالاسلام والمسلمين بهدف شيطنتهم وتشويههم.