أكد الأستاذ إسماعيل فوزي، نائب رئيس قسم العلوم التجارية كلية العلوم الاقتصادية والتسيير والعلوم التجارية بجامعة 08 ماي 45 بقالمة، بأن الصناعة الثقافية يجب أن تركز على إطلاق الحريات ودعم المواهب والإبداعات والمبادرات الخلاقة، ونشر الوعي والثقافة بين أفراد المجتمع، وأن لها الأثر الكبير في تطوير مجالات الحياة، خاصة مجالات الاتصال والتواصل والتنافس، مما يؤدى إلى تنشيط حركة التفاعل داخل المجتمعات. وتأسف فوزي للضعف الذي تعانيه الجزائر في مجال الصناعة الثقافية، حيث قال إنه بإمكان الجزائر أن تكون مختبرا للإبداع الثقافي، نظرا لما تمتلكه من مخزون ثقافي هائل، مشيرا في نفس الوقت إلى أهمية الصناعة الثقافية ومساهمتها في التنمية الاقتصادية، حيث قال : "تعتبر الصناعة الثقافية بالنسبة للدول النامية والدول المتخلفة مفهوما حديثا نوعا ما، نظرا لطبيعة المرحلة التنموية التي تمر بها هذه الدول، لكن كظاهرة، فإن الصناعة الثقافية نجدها ظهرت منذ عدة قرون سايرت مشروع التنمية الاقتصادي في البلدان الصناعية أي منذ نهاية القرن 18 إلى القرن 19، وفي الوقت الحالي أصبحت هذه الظاهرة روتينية تساير مختلف الحقبات والدورات الاقتصادية، سواء كانت دورات اقتصادية تمر بحالة رواج أو تساير الأزمات الاقتصادية". وأوضح ذلك قائلا: "الصناعة الثقافية تواكب وتسير في خط موازي للتطور الاقتصادي خصوصا في البلدان المتطورة، حيث تساير دورات الرواج في مختلف الدورات، من سينما ومسرح ومؤلفات جديدة.. ويحضرني مثال مهم يتمثل في الصراع الذي كان محتدما بين المعسكر الغربي الرأسمالي والمعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفياتي، حيث اعتمد الصراع على القوة الثقافية، أي التركيز على الصناعة الثقافية وتطويرها، أين اعتمدوا على المسرح، فنجد مؤلفين روس يمجدون ثورات زراعية ويمجدون الملكية العامة لوسائل الإنتاج والعكس صحيح من العالم الغربي عبر الترويج للأفلام، عبر السينما، عبر السلاسل الثقافية والرسوم المتحركة التي يتم الترويج لها بالتلفزيون، أين تمّ تمجيد مبادئ النظام الرأسمالي، وذلك يؤكد أنه الاهتمام بالصناعة الثقافية يرسّخ مشروع التنمية الاقتصادية في المجتمع". وخلال شرحه لهذا المفهوم قال أيضا: "تعتبر الثقافة روح الشعب وروح الدولة، ويحضرني مثال لماركس في قوله "أعطني مسرحا أعطك شعبا"، نفهم من هذا المثال المهم، أنه من خلال الصناعة الثقافية يمكن توجيه الرأي العام من السكان والمواطنين إلى احترام المبادئ الاقتصادية التي يقوم عليها مشروع التنمية في ذلك البلد. فيما أشار إلى أداوت الصناعة الثقافية المعاصرة حيث قال: "كذلك هيمنت مدخلات ثقافية جديدة، حيث دخلت للمشهد الثقافي على رأسها الشبكة العنكبوتية، حيث أصبحت مهمة لنشر الثقافة والوعي لدى المواطنين، فلم تبق الصناعة الثقافية بنوع ما كلاسيكية. وحول أهمية تطوير المواهب والعمل على تثقيف جيل مبدعين أجاب عن سؤالنا فيما يخص التخصصات الجامعية ومساهمتها في الصناعة الثقافية لربطها بسوق العمل، قال بأنها صار حتميا، ولابد على المجتمع أن يحرّر المبادرات والإبداع ويتبنى ذلك من خلال المناهج الدراسية والمناهج الجامعية وإلا سيفشل مشروع التنمية الاقتصادي أكيد. وأضاف بأن الصناعة الثقافية الإبداعية تعرف بأنها الصناعات التي تمتد بجذورها في الإبداع والمهارات والمواهب الفردية، التي تتضمّن إمكانيات واحتمالات كبيرة بالنسبة للثروات وخلق فرص العمل والوظائف، من خلال التوليد والتطوير والاستغلال للملكية الفكرية، من الإعلان، الفنون التشكيلية والتحف، الحرف الشعبية، التصميم وأيضًا التصميم الخاص بوسائل الاتصال.. وذكر موضحا بأن الحل هو أن ننتج ثقافتنا، فكل بلد بحاجة إلى صناعة ثقافية تخدمه بما في ذلك الجزائر إذا أردنا ترسيخ مشروع اقتصادي يعتمد على حرية المبادرة والإبداع ويعتمد على الكفاءات المعرفية لابد أن يستثمر في الصناعة الثقافية، فعندما نروج لثقافة صناعية مستوردة ستؤثر على الاقتصاد مثل السلع والخدمات المستوردة. واعتبر بأن الأدباء والفلاسفة لم يلعبوا دورهم الحقيقي كرافد أصيل يمكن أن يرسخ مشروع تنمية في البلد، "فلنذهب إلى أي بلد شئنا لدراسة مختلف المشاريع التنموية التي نجحت في العالم، حيث نجد الدول المصنعة الأوروبية يساهم فيها الفلاسفة والأدباء كالصين، كوريا الجنوبية والهند التي تفوقت في مجال السينما والأفلام حيث كانت لهم مساهمات في ترسيخ وإنجاح المشروع الاقتصادي الثقافي عالميا، وللنجاح بالجزائر لابد أن نلعب دورا في التأثير، فيكفينا من واردات من السلع والخدمات ونضيف لها واردات من الصناعة الثقافية، حيث نعيش في الحقبة الأخيرة زيادة في استيراد الصناعة الثقافية الغربية بكثرة وأهملنا الصناعة الثقافية المحلية التي تخدم المشروع الاقتصادي الحقيقي، وعمدنا لأن نزيد في أرباح ميزانية الغرب الثقافية، وفي مقابل ذلك ننسلخ أكثر فأكثر عن ثقافة بيئتنا، مما سيزيد من اختلال ميزان مدفوعاتنا إن ماديا أو ثقافيا، فبالرغم من وفرة الموارد وبالرغم من المجهودات المبذولة في الجزائر إلا أنها لم ترتق للطموحات التي ينتظرها الشعب الجزائري وينتظر لتنمية الاقتصاد الجزائري، ونحن نأمل في السنوات القادمة ترقية هذا الجانب فالجزائر تملك كل الإمكانيات" يقول فوزي.