تشغل النيجر مكانة محورية في محاربة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود بمنطقة الساحل الإفريقي، وتعاني، مثل غيرها من دول الجوار، ويلات التداعيات الخطيرة للوضع في ليبيا وشمالي مالي. النيجر تصارع في الوقت ذاته على الصعيد الاقتصادي لرفع نسبة النمو وتحسين ظروف معيشة السكان واستقرارها، باعتماد مشاريع استراتيجية تخلق الثروة وتستحدث مناصب الشغل في بلد تشكل فيه البطالة نسبة مرتفعة للغاية. حتمت الأوضاع الأمنية المقلقة في المنطقة على النيجر، إيلاء عناية قصوى لتأمين الحدود والتصدي لهجمات الجماعات الإرهابية والحفاظ على تواجد الدولة في كافة مناطق البلاد لتفادي سيناريوهات كارثية. انخرطت في الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة هذه التحديات عبر التنسيق الأمني المحكم والتعاون الكلي مع دول الجوار، من خلال قيادة الأركان المشتركة لدول الساحل التي تضم الجزائر، تشاد، مالي، موريتانياوالنيجر. بحكم تقاسمها الحدود مع ليبيا ومالي على مسافة معتبرة، أضحت جهاتها الشمالية معرضة لاعتداءات إرهابية متكررة، مثل التي وقعت سنة 2013 بمدينتي آليت وأغاديز، كما تعرض مقر للدرك الوطني النيجري لتفجير انتحاري بالعاصمة نيامي. وهي عمليات تم تبنيها من قبل التنظيم الإرهابي «القاعدة»، ردا منه على المواقف الدبلوماسية النيجرية وإصرارها على استئصال هذه الجماعات الدموية. بإمكانات متواضعة وإصرار سياستها وتجاوبها مع المخطط الأمني الإقليمي لدول الساحل والجوار، استطاعت النيجر الحفاظ على سلامتها الترابية، بالرغم من حجم التهديدات القادمة من الشمال والجنوب، فجماعة بوكو حرام الإرهابية لا تبعد سوى كيلومترات عن مدينة زندار الجنوبية، أين تقوم هذه بأبشع الجرائم والاعتداءات بنيجيريا والكاميرون. ذكرت مصادر سياسية من النيجر عن تورط منتمين ومتعاطفين مع بوكو حرام في الاحتجاجات الدامية التي شهدتها المناطق الجنوبية للبلاد، الأسبوع الماضي، أثناء التظاهرات المناهضة للجريدة الفرنسية «شارلي إيبدو» والتي سقط فيها قتلى وجرحى. وفتحت النيجر الجبهة الجنوبية للقتال ضد هذا التنظيم رسميا، عندما شارك الرئيس محامادو إيسوفو، في قمة باريس المصغرة بتاريخ 11 ماي 2014 والتي أعلنت فيه البلدان القريبة من بحيرة التشاد، الحرب الشاملة على الجماعة الإرهابية الخطيرة. وهي عملية تعد امتدادا للاستراتيجية الإقليمة في مواجهة الإرهاب بالساحل والجوار. ورغم المحيط الملتهب، يؤكد باحثون سياسيون أن «النيجر على خلاف دول الجوار المضطربة، أبرز قوة في مواجهة التهديدات ولم تترك الأمور تنفلت منها تحت أي مبرر وذريعة. يعتبر هؤلاء أن إصرار الرئيس السابق وكذا الحالي صون هيبة الدولة، أمام حركات التمرد المختلفة التي ظهرت في الشمال وعدم الانصياع لشروطها سمح بمنع وقوع حالة الشغور المؤسساتي والعسكري بالمناطق الشمالية وعزز الوحدة الوطنية التي يعتبرها قادة البلد خطا أحمر. واستثمرت القيادة الحالية في الجانب العسكري، واقتنت، لأول مرة في تاريخ البلاد، طائرتين حربيتين من نوع سوخوي أوكرانيتي الصنع. كما أبرمت اتفاقات عسكرية مع فرنسا والولايات المتحدةالأمريكية سمحت بوموجبها لهما بإنشاء قواعد للطائرات من دون طيار تقوم بمراقبة مستمرة ودائمة للبلاد، لتسد كل المنافذ على أي تيار إرهابي مهما كان حجمه، لأن السيادة الوطنية أغلى وأعلى من أن تمس وتضرب. من الناحية الاقتصادية، لازالت النيجر تتذيل الترتيب العالمي من حيث نسبة الفقر، رغم غناها بالموارد الباطنية كاليورانيوم والذهب، وكان تشييد مصفاة البترول بمدينة زندر حدثا وطنيا كبيرا سنة 2011، حيث سمحت للبلاد بسد حاجياتها من مشتقات النفط بإنتاج يومي يقدر ب20 ألف برميل يوميا يوجه منها 13 ألف للتصدير عبر التشاد والكاميرون. وخاضت الحكومة النيجرية من جانب آخر، مفاوضات عسيرة مع شركة أريفا الفرنسية، التي تملك حصرية استغلال مناجم اليورانيوم، التي تساهم في تمويل 75 من المائة من الطاقة الكهربائية بفرنسا، من أجل تحسين العائدات المالية لهذا المورد الرئيسي لاقتصادها. وكمعظم دول القارة السمراء، تتولى شراكات الصينية إنجاز مختلف المشاريع المتعلقة بالبنى التحتية والتنقيب عن النفط. وتعترف المجموعة الدولية للنيجر بالتزاماتها الدائمة تجاه القضايا المتعلقة بمكافحة الإرهاب وبسط الاستقرار ودعم كل الجهود السائرة في هذا الاتجاه، وأكدت دائما دعمها للجهود التي تبذلها الجزائر لحل الأزمات في ليبيا ومالي ومختلف الدول الإفريقية عبر الحلول السلمية والحوار.