يظهر أن بعض الأطراف الإعلامية والسياسية لم تتعظ بما حدث في رئاسيات 2004 حيث فشلت فشلا ذريعا في تكوين رأي عام وطني حول شخصية معينة لترشيحها الى رئاسة الجمهورية ويذكر الجميع ما حدث في تلك الفترة من تجاوزات وسلوكات بعيدة كل البعد عن الديمقراطية بالنظر لانتشار ذهنيات بالية تبحث دائما عن إثارة البلبلة والفتنة للاصطياد في المياه العكرة أو لتحقيق أغراض ضيقة من خلال إظهار نفسها بأنها قادرة على التأثير في سير الانتخابات واختيار منافسين يرونها قوية لتغليب الكفة. عادت أجواء رئاسيات 2004 الى الساحة حيث يلاحظ في الأيام القليلة الماضية تحرك بعض الأطراف التي حاولت استغلال شخصية رئيس الجمهورية السابق السيد اليامين زروال لتكوين رأي عام وطني حول ترشيحه لرئاسة الجمهورية وهذا أمر طبيعي جدا غير أن الغريب هو التحدث باسم السيد اليامين زروال وهو ما أحدث زوبعة إعلامية في فنجان سرعان ما خمدت بعد نفي المعني نيته في العودة الى الساحة السياسية وهو ما يعتبر صفعة لهولاء الخلاطين والمرتزقة من الوضع السياسي. ولم يتوقف هؤلاء عند رفض اليامين زروال الترشح ليشكلوا جبهة أخرى أطلقوا عليها جمعية الإلحاح على ترشيح السيد اليامين زروال حتى بعد أن أكد رفضه للترشح. وتعكس هذه السلوكات وجود تيارات سياسية وإعلامية مافيوية قد تكون لها امتدادات خارجية تريد التشويش على سير العمل الديمقراطي في الجزائر وتحاول فرض جو من التوتر والضغط على الجبهة الاجتماعية لدفعها الى التمرد والعصيان وكانت المسيرات التي نظمت في الجمعة الثاني من شهر جانفي نصرة لغزة قد أبانت عن نية بعض الأطراف لبعث الحزب المحل وتحريض الشباب على السلطة وكأنها تحن الى سنوات التسعينات. وبالإضافة الى محاولة تلك الأطراف إثارة البلبلة وفشلها في مسعاها انتقلت هذه الفئة الى تبني ملف نسبة المشاركة حيث تحاول وبكل الطرق خلق رأي عام مقاطع للانتخابات أو عازف عن الذهاب الى الصناديق يوم الانتخاب وكأن ضمان نسبة عزوف كبيرة من شانها خدمة الجزائر، والجميع يتساءل عن سر حشد العديد من الأطراف للتركيز على موضوع نسبة العزوف وجعلها في مقدمة اهتمام الانتخابات الرئاسية بدلا من التركيز على المترشحين. إن هذا النوع من التفكير يعكس حالة الإفلاس الذي وصل إليه بعض الأشخاص وبعض المؤسسات الإعلامية التي لا تسطيع العيش إلا في مثل هذه الأجواء. وتستحق الانتخابات الرئاسية في بلادنا اهتماما أكبر واحترافية في التعامل معها لأن القضية تهم المصلحة العليا للوطن ومستقبل الأمة والتعاطي معها سلبيا سيفتح المجال للمتربصين بالأمة لتوجيهها ومنه تحطيم البلاد في مسارها الديمقراطي بعد أن أصبحت بلادنا محطة مهمة في مختلف التحولات الدولية. ويخطئ من يعتقد أن تنظيم الانتخابات هو من صلاحيات السلطة لوحدها لأن القضية وطنية وأبعادها تقتضي مشاركة الكل في إنجاحها سواء من خلال مشاركته أو مقاطعته فالمشاركة لها شروط ومن يقاطع يجب احترامه لكن بالمقابل عليه أن لا يشوش على السير الحسن لعملية الانتخابات لأن الديمقراطية تفرض احترام الآراء وعدم الدخول في مهاترات سياسية لا تسمن ولا تغني من جوع.